قال أبو بكرٍ الأصمُّ : إنَّ ذلك الزوج كان قليل الغيرةِ، فاكتفى منها بالاستغفار وقيل : إنَّ الله ـ تعالى عزَّ وجلَّ ـ سلبه الغيرة لطفاً بيوسف، حتى كفى بادرته وحلم عنها.
قال الزمخشري :" وإنما قال :﴿مِنَ الْخَاطِئِينَ﴾ ؛ تغليباً للذكور على الإناث " ويحتملُ أن يقال : إنك من قبيل الخاطئين، فمن ذلك القبيل جرى ذلك العرفُ فيك.
قال البغوي ـ رحمه الله ـ : تقديره : إنَّك من القوم الخاطئين، ولم يقصد به الخبر عن النِّساء ؛ بل قصد الخبر عن كُلِّ من يعفعلُ ذلك ؛ كقوله تعالى :﴿وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾ [التحريم : ١٢]، وبيانه قوله :﴿إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ﴾ [النمل : ٤٣].
قوله تعالى :" يُوسُفُ "، منادى محذوفٌ منه حرفُ النداءِ.
قال الزمشخريُّ :" لأنه منادى قريب مقاطن للحديث، وفيه تقريبٌ له، وتلطيفٌ بمحله " انتهى.
وكُلُّ منادي يجوز حذف حرفُ النِّداء منه، إلا الجلالة المعظمة، واسم الجنس غالباً، والمستغاثَ، والمندوب، واسم الإشارة عند البصريين، وفي المضمر إذا نودِيَ.
والجمهورُ على ضمِّ فاءِ يوسف ـ عليه الصلاة والسلام ـ ؛ لكونه مفرداً معرفةً، وقرأ الأعمش بفتحها، وقيل لم تثبت هذه القراءة عنه، وعلى تقدير ثبوتها، فقال أبو البقاء : فيها وجهان : أحدهما : أن يكون أخرجه على أصل المنادى ؛ كما جاء في الشِّعر :[الخفيف] ٣٠٧٨ـ..................
يَا عَدِيًّا لقَدْ وقَتْكَ الأوَاقِي
جزء : ١١ رقم الصفحة : ٥٥
٧٦
يريد بأصلِ المنادى : أنه مفعولٌ به، فحقه النصب ؛ كالبيت الذي أنشده، واتفق أن يوسف لا ينصرف، ففتحته فتحةُ إعرابٍ.
والثاني، وجعله الأشبه : أن يكون وقف على الكلمة، ثم وصل، وأجرى الوصل مجرى الوقف ؛ فألقى حركة الهمزة على الفاء، وحذفها ؛ فصار اللفظ بها :" يُوسفَ أعْرض " ؛ وهذا كما حي :" اللهُ أكبرَ، أشْهَدَ ألاّ "، بالوصلِ والفتح في الجلالةِ وفي " أكْبر "، وفي أشْهد " ؛ وذلك أنه قدَّر الوقف على كل كلمة من هذا الكلم، وألقى حركة الهمزة [من] كل من الكلمِ الثَّلاث، على السَّاكن قبله، وأجرى الوصل مجرى الوقف في ذلك.
والذي حكوه الناسُ، إنَّما هو في " أكْبَر " خاصَّة ؛ لأنَّها مظنة الوقف، و تقدم ذلك في سورة آل عمران [الآية : ١].
ورىء " يُوسفُ أعْرضَ " بضمِّ الفاءِ، و " أعْرضَ " فعلاً ماضياً، وتخريجها أن يكون " يُوسفُ " مبتدأ، و " أعْرضَ " جلمة من فعلٍ وفاعلٍ خبره.
قال أبو البقاءِ :" وفيه ضعفٌ ؛ لقوله :" واسْتَغْفرِي "، وكان الأشبه أن يكون بالفاء :" فاسْتَغفِري ".
جزء : ١١ رقم الصفحة : ٥٥
قوله تعالى :﴿وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ﴾ الآية، النسوة فيها أقوالٌ :[أشهرها] : أنه جمعُ تكسير للقلَّة، على فعلة ؛ كالصبية والغلمة، ونصَّ بعضهم على عدم أطَّرادها، وليس لها واحدٌ من لفظها.
الثاني : أنها اسمٌ مفردٌ، لجمع المرأة قاله الزمخشريُّ.
الثالث : أنَّها اسم جمعٍ ؛ قاله أبو بكرٍ بنُ السَّراج ـ رحمه الله ـ، وكذلك أخواتها، كالصِّبيةِ، والفِتْيَةِ.
وقيل : على كُلِّ قولٍ، فتأنيثها غير حقيقي، باعتبارِ الجماعةِ ؛ ولذلك لم يلحق فعلها تاء التأنيث.
٧٧