قال النَّواوي :" والبِضْعُ بكسر الباء، وقد تفتح : ومعناه القطعةُ من العدد ".
قال الفراء : لا تذكرُ إلاَّ مع عشرةٍ، أو عشرينَ إلى التِّسعينَ ؛ وذلك يقتضي أن يكون مخصوصاً بما بين الثلاثة إلى التسعةِ، قال : وهكذا رأيتُ العرب يقولون، وما رأيتهم يقولون : بضعٌ ومائةٌ، قال : وإنما يقالُ نيِّفٌ مائة ؛ والقرآنُ يردُّ عليه.
ويقال : بضعُ نسوة، وبضعةُ رجالٍ.
روى الشعبيُّ ـ رضي الله عنه ـ " أنَّ النبي ﷺ قيل لهُ : كم البِضْعُ ؟ قال : مَا دُونَ العَشرة ".
وقال ابنُ عبَّاسٍ ـ رضي الله عنهما ـ :" مَا دُونَ العشرة ".
وقال مجاهدٌ ـ رضي الله عنه ـ : مابين الثَّلاث إلى السَّبع.
وقيل إلى الخمسِ.
وقال قتادةُ ـ رضي الله عنه ـ : مابين الثَّلاث إلى التِّسعِ.
وأكثر المفسرين على أن البِضْعَ في هذه الآية سبعُ سنينَ، وقد لبث قبلهُ خمس سنين فجملته، اثنتا عشرة سنة.
قال ابن عبَّاسِ ـ رضي الله عنهما ـ :" لما تضرَّع يوسفُ ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ لذلك الرجلِ، كان قد قرُبَ وقتُ خروجه، فلما ذكر ذلك لبث في السجن بعده سبع سنينَ ".
وقيل : البِضْعُك فوق الخمسةِ ودُون العشرة.
وقد تقدم عند قوله ﴿بِضَاعَةً﴾ [يوسف : ١٩]، والبَعْضُ قد تقدَّم أه من هذا المعنى، عند ذكر البعوضةِ.
وفي المدَّة التي أقامها يوسف في السجن أقوالٌ : أحدهما : قال ابنُ جريجٍ، وقتادة، ووهبُ بنُ منبِّه : أقام أيوبُ في البلاءِ سبعَ سنينَ، وأقام يوسفُ في السِّجن سبع سنينَ.
وقال ابن عباسك اثنتَيْ عَشْرة سنة.
وقال الضحاكُ : أرْبع عشرة سنة.
١١١
جزء : ١١ رقم الصفحة : ٩٧
قوله تعالى :﴿وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّى أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ﴾ الآية.
اعلم أنَّه ـ تعالى عزَّ وجلَّ ـ إذا أرادَ شيئاً، هيّأ أسبابه، ولما دنا فرجُ يوسف ـ عليه الصلاة والسلام ـ رأى ملكُ مصر في النوم سبع بقراتٍ سمانٍ خرجن من نهرٍ يابسٍ، ثم خرج عَقِيبَهُنَّ سبعُ بقراتٍ عجافٍ في غايةِ الهُزال، فابتلعتِ العجافُ السِّمان، ورأى سبعَ سُنبلاتٍ خُضرٍ، قد انعقد حبُّها، وسبعاً أخر يابساتٍ، قد استحصدت، فالتوتِ اليابساُ على الخضرِ حتَّى غلبْنَ عليها، فلم يبق من خضرتها شيءٌ ؛ فجمع الكهنة، والسَّحرة، والنجامة، والمُعبِّرين، وقصَّ عليهم رؤياه ؛ وهو قوله ﴿ يا أيها الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ قَالُوا ااْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ﴾، أخلاط أحلامٍ مُشْتبهَةٌ أهاويلُ.
فصل قال عليٌّ بنُ أبي طالب ـ كرم الله وجهه ـ :" المعز والبقر إذا دخلت المدينة، فإن كانت سماناً، فهي سِني رخاءٍ، وإن كانت عجافاً، كانت شداداً، وإن كانت المدينة مدينة بحرٍ، وأبَّان سفرٍ، قدمت سفنٌ على عددها، وحالها ؛ وإلاَّ كانت فتناً مترادفةً كأنها وجوهُ البقر يشبه بعضها بعضاً ؛ كما قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ في الفتنِ :" كأنَّها صَياصِيُّ البقَرِ " ؛ لتشابهها، إلاَّ أن تكون صفراً كلَّها، فإنَّها أمراضٌ تدخل على النَّاس، وإن كانت مختلفة الألوان شنيعة القرون، كان الناسُ ينفرون منها، أو كان النارُ والدخانُ يخرج من أفواهها ؛ فإنها عسكر، أو غارة أو عدوّ، يضرب عليهم، وينزلُ بساحتهم، وقد تدلُّ البقرة على الزَّوجة، والخادم، والغلَّة والسَّنة : لما يكونُ فهيا من الغلَّةِ، والولدِ، والنباتٍ ".
قوله :" سِمَانٍ "، صفةٌ لـ " بَقَراتٍ "، وهو جمعُ سمينةٍ، ويجمع " سَمِين " أيضاً عليه يقال : رجالٌ سمانٌ ونساءُ سمان ؛ كما يقال : رجالُ كرامٌ ونساءٌ كرامٌ، و " السِّمن " :
١١٢