الأغراض لا شعلى مبادي الأعراض، فيكون المراد بالحقد ههنا : هو أنه ـ تعالى ـ يريد إيصال الشَّر إليه، مع أنه أخفى عنه تلك الإرادة.
وقال مجاهدٌ : شديد القوَّة.
وقال أبو عبيدة : نشديد العقوبة.
وقيل : شديد المكرِ، والمحال، والمماحلة، والمماكرة، والمغالبة.
واختلفوا في ميمه : فالجمهور على أنَّها أصلية من المحل، وهو المكر، والكيد، وزنها فعال : كمِهَاد.
وقال القتبيُّ : إنَّه من الحيلةِ، وميمه مزيدة، كـ " مكان " من الكون، ثم يقال : تمكنت، وقد غلَّطه الأزهريُّ، وقال : لو كان :" مِفْعَلاً " من الحيلة لظهرت الواو، مثل : مرودةٍ، ومحولٍ، ومحودٍ.
وقرأ الأعرج والضحاك بفتحها والظاهر أنه لغة في المكسورة، وهو مذهب ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ فإنه فسره بالحول كما تقدم، وفسره غيره : بالحيلة.
وقال الزمخشري :" وقرأ الأعرج بفتشح الميم على أنه مفعل من : من حال يحول محالاً إذا احتال، ومنه :" أحْوَل مِنْ ذئْبٍ " أي : أشد حيلة، ويجوز أن يكون المعنى شديد الفقار، ويكون مثلاً في القوة، والقدرة كما جاء : فساعد الله أشد، وموساه أحد ؛ لأن الحيوان إذا اشتد محاله كان منعوتاً بشدة القوَّة، والإضطلاع بما يعجز عنه غيره ألا ترى إلى قولهم : فقَرَتْهُ الفَواقِر، وذلك أنَّ الفقار عمود الظَّهر، وقوامه ".
قوله :﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ﴾ من باب إضافة الموصوف إلى صفة، والأصل له الدعوة الحق، كقوله ﴿وَلَدَارُ الآخِرَةِ﴾ [يوسف : ١٠٩] على أحد الوجيهن.
وقال الزمخشري فيه وجهان : أحدهما : أن تضاف الدعوة إلى الحق الذي هو نقيضُ الباطل، كما يضاف الكلمة إليه في قوله :" كَلمةُ الحَقُّ ".
الثاني : أن تضاف إلى " الحقِّ " الذي هو " لله " على معنى : دعوة المدعو الحق الذي يسمع فيجيب.
قال أبو حيَّان :" وهذا الوجه الثاني لا يظهر ؛ لأنه مآله إلى تقدير : لله دعوة الله، كما تقول :" لزيد دعوة زيد "، وهذا التركيب لا يصحُّ ".
قال شهاب الدين :" وأين هذا ممَّا قاله الزمخشريُّ حتى يرد عليه به " ؟.
٢٧٨


الصفحة التالية
Icon