ثم قال أبوة حيان :" وأما التقدير الذي ذكره فهو توجيه الفراء نقله عن الزجاج وأما قوله : في غضون كلامه حيثُ قبلها ألف، فلا أعلم " حيث " يضاف إلى الجملة المصدرة بالظرف، نحو :" قعد زيد حيث أمام عمرو بكر، فيحتاج هذا التركيب إلى سماع ".
قال شهابُ الدين ـ رحمه الله ـ :" إطلاق النحاة قولهم : إنها تضاف إلى الجمل كاف في هذا، ولا يحتاج تتبع كلَّ فرد فرد مع إطلاقهم القوانين الكلية ".
ثم قال : وأما قوله : لأن ياء الإضافة إلى آخره، قد روي بسكون الياء بعد الألف، وقد قرأ بذلك القراء، نحو :﴿وَمَحْيَايَ﴾ [الأنعام : ١٦٢].
قال شهاب الدين : مجيء السُّكون في هذه الياء لا يفيده ههنا، وإنَّما كان يفيده لو جاء بها مكسورة بعد الألف فإنهن محل البحث، وأنشد النحاة بيت الذبياني بالكسر والفتح، وهو قوله :[الطويل] ٣٢١١ـ عَليَّ لِعمْرٍو نِعْمةٌ بَعْندَ نِعْمةٍ
لِوالِدهِ ليْسَتْ بِذاتِ عَقارِبِ
وقال الفراء في كتاب " المَعانِي " له :" وقد خفض الياء من " مصرخي " الأعمش
٣٧٣
ويحيى بن وثاب جميعاً حدّثني بذلك القاسم بن معنٍ عن الأعمش، ولعلها من وهنم القراء فِإنه قلَّ من سلم منهم من الوهم، ولعله ظن أنَّ الياء في ﴿بِمُصْرِخِيَّ﴾ خافضة للفظ كله، والياء للمتكلم خارجة عن ذلك ؟ قال : ومما [نرى] أنهم وهموا فيه قوله ﴿نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ﴾ [النساء : ١١٥] بالجزم في الهاء "، ثمَّ ذكر غير ذلك.
وقال أبوعبيدٍ : أمَّا الخفض فإنا نراه غلطاً ؛ لأنَّهم ظنوا أنَّ الياء تكسر كل ما بعدها، وقد كان في القراء من يجعله لحناً، ولا أحبُّ أن أبلغ به هذا كله، ولكن وجه القراءة عندنا غيرها.
وقال الأخفش :" ما سمعت بهذا من أحد من العرب ولا من أحد من النحويين ".
قال النحسا : فصار هذا إجماعاً، ولا يجوز، فقد تقدَّم ما حكاهُ النَّاس من أنها لغة ثابتة لبعض العرب.
وقد انتدب لنصرة هذه القراءة أبو علي الفارسي قال في حجَّته :" وجه ذلك أن الياء ليست تخلو من أن تكون في موضع نصب أو جر، فالياء في النصب والجر كالهاء فيهما وكالكاف في " أكْرَمْتُكَ " وهذا لك، فكما أنَّ الهاء قد لحقها الزيادة في " هذال لهو، وضربهو "، ولحق الكاف أيضاً الزيادة في قول من قا ل :" أعْطَاكهُ " و " أعْطَيْتكَهُ " فيما حكاهُ سيبويه وهما أختا الياء، ولحقت الياء الزيادةم في قول الشاعر :[الهزج] ٣٢١٢ـ، رَمَيْتِيهِ فأصْمَيْتِ
ومَا أخْطَأتِ [في] الرَّميَه
جزء : ١١ رقم الصفحة : ٣٦٦
كذلك الحقوا الياء الزائدة من المد، فقالوا : فيِّ، ثمَّ حذفت الياء الزائدة على الياء كما حذفت الزيادة من الهاء في قول من قال :[الطويل] ٣٢١٣ـ........................
......................
لَهْ أرِقَانِ
وزعم أبو الحسن : أنَّها لغة ".
ومراد أبي علي بالتنظير بالبيت في قوله :" له أرِقَانِ " حذف الصلة، واتفق أن في البيت أيضاً حذف الحركمة ولو مثل بنحو " عَليْهِ " و " فِيهِ " لكان أولى.
ثمَّ قال الفارسي : كما حذفت الزيادة من الكاف فقيلك أعطيتكه، وأعطيتكيه كذلك حذفت الياء اللاحقة للياء كما حذفت من أختها، وأقرت الكسرة التي كانت تلي
٣٧٤


الصفحة التالية
Icon