قَآئِلُونَ} [الأعراف : ٤] بعد قوله :﴿وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا﴾ [الأعراف : ٤].
قوله - تعالى - :﴿وَلَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ﴾ الآية لما ذكر المثل ذكر الممثل فقال :" ولقَدْ جَاءَهُم " يعني : أهل مكة، " رسُولٌ مِنهُمْ "، أي : من أنفسهم يعني : محمَّداً ﷺ ﴿فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ﴾ قال ابن عبَّاس - رضي الله عنه - : يعني الجوع.
وقيل : القتل يوم بدر، والأول أولى ؛ لقوله - تعالى - بعده :﴿فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾، أي : إنَّ ذلك الجوع بسبب كفرهم، فاتركوا الكفر حتى تأكلوا.
وقوله :﴿مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ﴾ [المائدة : ٨٨]، أي من [الغنائم] ؛ قاله ابن عبَّاس - رضي اله عنه -.
وقال الكلبي :" إن رؤساء مكَّة كلَّموا رسول الله ﷺ حين جهدوا، وقالوا : عاديت الرِّجال، فما بال النِّساء والصِّبيان ؟ وكانت الميرة قد قطعت عنهم بأمر رسول الله ﷺ، فأذن بحمل الطعام إليهم ".
قوله تعالى :﴿وَاشْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ﴾ صرَّح هنا بالنِّعمة ؛ لتقدم ذكرها مع من كفر بها، ولم يجئ ذلك في البقرة، بل قال :﴿وَاشْكُرُواْ للَّهِ﴾ [البقرة : ١٧٢] لما تقدَّم ذلك، وتقدَّم نظير ما هنا.
جزء : ١٢ رقم الصفحة : ١٧٢
قوله - تعالى - :﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ﴾ الآية وقد تقدَّم الكلام عليها في سورة البقرة، وحصر المحرَّمات في هذه الأشياء الأربعة مذكور عليها في سورة الأنعام ؛ عند قوله - تعالى - :﴿قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً﴾ [الأنعام : ١٤٥]، وفي سورة المائدة في قوله :﴿أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾ [المائدة : ١]، وأجمعوا على أن المراد بقوله :﴿إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾ هو قوله - تعالى - في سورة البقرة :﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ﴾ [البقرة : ١٧٣] وقوله - تعالى - :﴿وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ [المائدة : ٣] فهذه الأشياء داخلة في الميتة.
ثم قال - تعالى - :﴿وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ﴾ [المائدة : ٣] وهذا أحد الأقسام الداخلة تحت قوله ﴿وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ﴾ [البقرة : ١٧٣]، فثبت أن هذه السُّور الأربعة دالَّة على حصر المحرَّمات، فيها سورتان مكِّيتان، وسورتان مدنيَّتان، فإن البقرة مدنيّة، وسورة المائدة
١٧٧