وأصل الزَّكاة النُّمو والزيادة.
وقيل : أرخص طعاماً ﴿فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِّنْهُ﴾ أي : قوتٍ وطعامٍ تأكلونه.
قوله :" ولْيَتلَطَّفْ " قرأ العامة بسكون لام الأمر، والحسنُ بكسرها على الأصل، [وقتيبة الميَّال] " وليُتَلَطَّفْ " مبنياً للمفعول، وأبو جعفر وأبو صالحٍ، وقتيبة " ولا يشعُرنَّ " بفتح الياء وضمِّ العين.
فإن قيل :" بكُمْ " " أحدٌ " فاعل به.
فالجواب : معنى " وليَتَلطَّفْ " أي : يكون في سترة، وكتمانٍ في دخول المدينة، قاله الزمخشريُّ، ويجوز أن يعود على قومهم ؛ لدلالة السِّياق عليهم.
وقرأ زيدُ بن عليٍّ " يُظْهرُوا " مبنيًّا للمفعول.
فصل ﴿يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ﴾، أي : يطَّلعوا عليكم، ويعلموا مكانكم.
وقيل : أو يشرفوا على مكانكم أو على أنفسكم من قولهم : ظهرتُ على فلانٍ، إذا علوتهُ، وظهرتُ على السَّطح، إذا صرت فوقه، ومنه قوله تعالى :﴿فَأَصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ﴾ [الصف : ١٤] أي عالين.
وقوله :﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ [التوبة : ٣٣] أي : ليعليه.
قوله :﴿يَرْجُمُوكُمْ﴾.
قال ابن جريج : يَشْتموكُمْ، ويُؤذُوكم بالقول، وقيل : يقتلوكم بالحجارة، والرجمُ بمعنى القتل كثيرٌ.
قال تعالى :﴿وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ﴾ [هود : ٩١] وقوله :﴿أَن تَرْجُمُونِ﴾ [الدخان : ٢٠] والرجم أخبث القتل، قاله الزجاج.
﴿أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ﴾ أي يردُّوكم إلى دينهم.
قوله :﴿وَلَن تُفْلِحُوا ااْ إِذاً أَبَداً﴾ أي إن رجعتم إلى دينهم، لم تسعدوا في الدنيا، ولا في الآخرة، فـ " إذاً " جوابٌ وجزاءٌ، أي : إن يظهروا، فلن تفلحوا.
وقال الزجاج : لن تُفْلِحُوا، إذا رجعتم إلى ملتهم أبداً، فإن قيل : أليس أنَّهم لو أكرهوا على الكفر، حتى أظهروا الكفر، لم يكن عليهم مضرَّة، فكيف قالوا :﴿وَلَن تُفْلِحُوا ااْ إِذاً أَبَداً﴾ ؟.
٤٥١
فالجواب : يحتمل أن يكون المراد أنَّهم لو ردُّوا إلى الكفر، وبقوا مظهرين له، فقد يميل بهم ذلك غلى الكفر، ويصيروا كافرين حقيقة، فكان تخوُّفهم من هذا الاحتمال.
جزء : ١٢ رقم الصفحة : ٤٤٨
قوله :﴿وَكَذالِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ﴾ : أي : وكما أنمناهم، وبعثناهم، لما فيه من الحكم الظاهرة ؛ أعثرنا، أي : أطلعنا.
وتقدَّم الكلام على مادَّة " عثر " في المائدة.
يقال : عثرتُ على كذا، أي : علمته، وأصله أن من كان غافلاً عن شيءٍ فعثر به، نظر إليه، فعرفه، وكان العثارُ سبباً لحصول العلم، فأطلق اسم السَّببِ على المسبَّب " ليَعْلَمُوا " متعلق بـ " أعْثرْنَا " والضمير : قيل : يعود على مفعول " أعْثَرنَا " المحذوف، تقديره : أعثرنا النَّاس، وقيل : يعود على أهل الكهف.
فصل في سبب تعرف الناس عليهم اختلفوا في السَّبب الذي عرف الناس به واقعة أصحاب الكهف، فقيل : لطول شعورهم، وأظفارهم ؛ بخلاف العادة، وظهرت في بشرة وجوههم آثار عجيبةٌ يستدلُّ بها على أن مدَّتهم طالت طولاً بخلاف العادة.
وقيل : لأن أحدهم لما ذهب إلى المدينةِ ؛ ليشتري الطَّعام، أخرج الدراهم لثمن الطَّعام، فقال صاحب الطعام : هذه النُّقود غير موجودة في هذا الزَّمان، وإنها كانت موجودة قبل هذا الوقت بمدَّة مديدة ؛ [فلعلك] وجدتَّ كنزاً، فحملوه إلى ملك تلك المدينة، فقال له الملك : أين وجدتَّ تلك الدَّراهم ؟ فقال : بعتُ بها أمس تمراً، وخرجنا فراراً من الملك دقيانوس، فعرف الملك أنَّه ما وجد كنزاً، وأنَّ الله تعالى بعثه بعد موته.
ومعنى قوله :﴿لِيَعْلَمُوا ااْ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾ أي : إنما أطلعنا القوم على أحوالهم ؛ ليعلم القوم أنَّ وعد الله حقٌّ بالبعث والنَّشر ؛ فإنَّ ملكَ ذلك الزَّمان كان منكر البعث، فجعل الله أمر الفتية دليلاً للملكِ.
وقيل : اختلف أهلُ ذلك الزَّمانِ، فقال بعضهم : الرُّوحُ والجسد يبعثان جميعاً.
وقال آخرون : إنَّما يبعثُ الرُّوح فقط، فكان الملك يتضرَّع إلى الله تعالى أن يظهر له آية يستدلُّ بها على الحقِّ في هذه المسالة، فأطلعه الله تعالى على أصحاب الكهف، فاستدلَّ بهم على صحَّة بعث الأجساد ؛ لأنَّ انتباههم بعد ذلك النَّوم الطويل يشبه من يموت، ثم يبعث.
٤٥٢