سورة طه
(مكية وهي مائة وخمس وثلاثون آية، وعدد كلماتها ألف وثلاثمائة وإحدى وأربعون كلمة، وعدد حروفها خمسة آلاف ومائتان واثنان وأربعون حرفا).
وعن ابن عباس أن رسول الله ﷺ قال :"أعطيت السورة التي ذكرت فيها البقرة من الذكر الأول، وأعطيت طه والطواسين(من ألواح موسى، وأعطيت فواتح القرآن وخواتم السورة التي ذكرت فيها البقرة من تحت العرش، وأعطيت المفصل نافلة).
جزء : ١٣ رقم الصفحة : ١٦٣
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَتِ الرَّحِيمِ).
قوله تعالى :" طَهَ " قرأ أبو عرمو بفتح الطاء وكسر الهاء، وكسرهما جميعاً حمزة والكسائي وأبو بكر والباقون بفتحهما.
قال الزجاج : وتقرأ " طَهْ " بفتح الطاء وسكون الهاء، وكلها لغات.
قال الزجاج : من فتح
١٦٤
الطاء والهاء، فأن ما قبل الألف مفتوح.
ومن كسر الطاء والهاء أمال إلى الكسر، لأن الحرف مقصور، والمقصور يغلب عليه الإمالة إلى الكسر.
فصل قد تقدم الكلام في الحروف المقطعة أول الكتاب، وفي هذه، وفي هنا قولان، الصحيح أنها من ذلك.
وقيل : إنه مفيد.
فقال الثعلبي :" طَا " شجرة طوبى " والهاء " الهاوية.
فكأنه أقسم بالجنة والنار.
وقال سعيد بن جبير : هو افتتاح اسمه الطيب الطاهر الهادي.
وقيل : يا مطمع الشفاعة للأمة، ويا هادي الخلق إلى الملة.
وقيل :(الطاء) تسعة في الحساب، و (الهاء) خمسة يكون أربعة عشر، ومعناه يا أيها البدر، وقيل غير ذلك.
فصل قيل : كعنى (طَهَ) يا رَجُل، وهو مرويّ عن ابن عباس والحسن ومجاهد وسعيد ابن جبير، وقتادة، وعكرمة، والكلبي، ثم قال سعيد بن جبير : بالنبطية، وقال قتادة : بالسريانية، (وقال عكرمة) : بالحبشية، وقال الكلبي : بلغة عك، وقيل : عُكْلٌ، وهي لغة يمانية.
وقال الكلبي : إنك لو قلت في عَك، يا رَجُل لم تجب حتى تقول : طَهَ.
وقال الطَّبَري : طَهَ في عك بمعنى يا رجل، وأنشد قولَ شاعرهم : ٣٦٣٧ - دَعَوْتُ بِطَهَ في القِتَالِ فَلَمْ يُجِبْ
فَخِفْتُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مَوَائِلاَ
١٦٥
وقول الآخر : ٣٦٣٨ - إنَّ السَّفَاهَةَ طَهَ فِي خَلائِقِكُمْ
لاَ قَدَّسَ اللهُ أرْوَاحَ المَلاَعِينِ
قال الزمخشري : وأثر الصنعة ظاهر في البيت المستشهد به.
وقال السُّدِّي : معناه يا فلان.
وقال الزمخشري أيضاً : ولعل عكَّا تصرفوا في " يَا هَذَا " كأنهم في لغتهم قالبون الياء طاء، فقالوا في (يَا هَذَا) : طَا هَذَا، واختصروا (هذا) (فاقْتَصَرُوا عَلَى هَا).
فكأنَّه قيل في الآية الكريمة : يَا هَذَا، وفيه بُعْدٌ كبير.
واعترض عليه بعضهم فقال : لو كان كذلك لوجب أن يكتب أربعة أحرف طَاهَا.
قال أبُو حيَّان : ثم تخرص وحرز على عَكَّ ما لم يقله نحوي، وهو أنهم يقلبون " ياء " التي للنداء (طاء)، ويحذفون اسم الإشارة ويقتصرون منه على (ها) التي للتنبيه وقيل :(طَهَ) أصله : طأها بهمزة، (طَأْ) أمر، من وطئ يطأ، و (ها) ضمير مفعول يعوج على الرض، ثم أبدل الهمزة لسكونها ألفاً ولم يحذفها في الأمر نظراً إلى أصلها، أي : طأ الأرض بقدميْكَ، وقد جاء في الحديث :" أنَّهُ قَامَ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاه " وقرأ الحسن، وعكرمة، وأبو حنيفة، وورش في اختياره
١٦٦
" طه " بإسقاط الألف بعد الطاء، و (هاء) ساكنة وفيها وجهان : أحدهما : أن الأصل (طأ) بالهمزة، أمراً أيضاً من وَطِئ يَطَأ، ثم أبدلت الهمزة هاء كإبدالهم لها في : هرقت، وهرحت، وهنرت، والأصل : أرقت، وأرحت، وأنرت.
والثاني : أنه أبدل الهمزة ألفاً، كأنه أخذه من وطئ يطأ بالبدل كقوله : ٣٦٣٩ -..........................
..........
لاَ هَنَاكِ المَرْتَعُ
جزء : ١٣ رقم الصفحة : ١٦٤
ثم حذف الألف حملاً للأمر على المجزوم، وتناسباً لأصل الهمز ثم ألحق هاء السكت، وأجرى الوصل مجرى الوقف وقد تقدم في أول يونس الكلام على إمالة " طا " و " ها ".
قوله :" أنْزَلْنَا " هذه قراءة العامة.
وقرأ طلحة :" مَا نُزِّلَ " مبنياً للمفعول " القُرْآن " رفع لقيامه مقام فاعله.
وهذه الجملة يجوز أن تكون مستأنفة إن جعلت " طَهَ " تعديداً لأسماء الحروف.
ويجوز أن تكون خبراً لـ (طَهَ) إن جعلتها اسماً للسورة، ويكون القرآن ظاهراً واقعاً موقع المضمر ؛ لأنَّ (طه) قرآن أيضاً، ويجوز أن تكون (جواب قسم) إنْ جعلت (طَهَ) مقسماً به.
وقد تقدَّم تفصيل ذلك.
١٦٧