بين الدليل الموجب للإعراب، والدليل الموجب للبناء.
وخبره محذوف تقديره : لاَ إِله في الوجود، ولا حول ولا قوةَ لنا، وهذا يدل على أن الوجود زائدة على الماهية.
فإن قيل : تصور الثبوت مقدم على تصور السلب، فإنَّ السلب ما لم يضف إلى الثبوت لا يمكن تصوره، فكيف قدم هنا السلب على الثبوت ؟ فالجواب : لما كان هذا السلب من مؤكدات الثبوت لا جرم قدم عليه.
فصل ينبغي لأهل لاَ إله إلاَّ الله أنْ يحصلوا أربعة أشياء حتى يكونوا من أهل لا إلهَ إلا الله : التصديق، والتعظيم والحلاوة والحرية، فمن ليس له التصديق فهو منافق، ومَن
١٧٩
ليس له التعظيم فهو مبتدع، ومَن ليس له الحلاوة فهو من مراء ومَنْ ليس له الحرية فهو فاجر.
فصل (قال بعضهم) قوله تعالى :" ألَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ " أنَّه لا إله إلاَّ الله.
" إلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ " لا إله إلاَّ الله " وَتَواصُّوْا بالحَقِّ " لا إله إلاَّ الله.
" قُلْ إنَّمَا أعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ " بلا إله إلاَّ الله.
" وَقِفُوهُمْ إنَّهُمْ مَسْئولُون " عن قول لا إله إلاَّ الله.
" بَلْ جَاءَ بالحَقِّ وَصَدَّقَ المُرْسَلِين " هو لا إله إلاَّ الله.
" يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بالقَوْلِ الثَّابِتِ فشي الحَيَاةِ الدُّنْيَا " هو لاَ إله إلاَّ الله.
" وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمينَ " عن قول : لا إله إلاَّ الله.
فصل قال عليه السلام :" أفضل الذكر لاَ إله إلاَّ الله، وأفضل الدعاء أستغفر الله "، ثمّ تلا رسول الله ﷺ :" فاعْلَم أنَّه لا إلهُ إلاَّ اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤمِنينَ والمُؤْمِنَاتِ " وقال عليه السلام :" إنَّ الله تَعَالَى خَلَقَ مَلَكاً من الملائكة قبل أن خلق السموات والأرض وهو يقول : أشهد أن لا إله إلاَّ الله مادًّا بها صوته لا يقطعها، ولا يتنفس
١٨٠
فيها، ولا يتمها، فإذَا أتمَّها أمر إسرافيل بالنفخ في الصور وقامت القيامة تعظيماً لله تعالى ".
وعن أنس قال عليه السلام :" ما زلت أشفع إلى ربي ويشفعني، وأشفع إليه ويشفعني، حتى قلت : يا رب فيمن قال : لا إله إلا الله.
قال : يا محمد هذه ليست لك ولا لأحد وعزتي وجلالي، لا أدع أحداً في النار قال لا إله إلا الله " وقال سفيان الثوري : سألت جعفر بن محمد عن " حم عسق " فقال : الحاء حُكمه، والميم ملكه، والعين عظمته، والسين سناؤُه والقاف قدرتُه، يقول الله عز وجل : بحكمي وملكي وعظمتي وسنائي ولا قدرتي لا أعذب بالنار من قال : لاَ إله إلاَّ الله محمد رسول الله.
وعن ابن عرم قال عليه السلام :" من قال في الشوق : لا إله إلا الله وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ لهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ يُحْيي ويُميتُ وَهُوَ حيٌّ لا يَمُوتُ بيدِهِ الخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شيءٍ قدِير، كَتَبَ الله لهُ أَلفَ حَسَنةٍ ومَحَا عَنْهُ ألفَ سيئةٍ وبَنَى لَهُ بَيْتاً في الجَنَّةِ " وروي عن موسى بن عمران عليه السلام قال : يا رب علمني شيئاً أذكرك به قال : قل : لا إله إلاَّ الله، قال : كل عبادك يقول : لا إله إلاَّ الله.
فقال : قل : لا إله إلاَّ الله.
قال : إنما أردت شيئاً تخصني به.
قال يا موسى : لو أن السموات السبع ومن فوقهن في كفة ولا إله إلاَّ الله في كفة لماتْ بهِنَّ لاَ إله إلاَّ الله.
فصل قيل : إنَّ الله تعالى أربعة آلاف اسم لا يعلمها إلا الله والأنبياء أما الألف الرابعة فإن المؤمنين يعلمونها، فثلثمائة في التوراة، وثلثمائة في الإنجيل، وثلثمائة في الزبور ومائة في القرآنه تسعة وتسعون ظاهرة وواحد مكنون فمن أحصاها دخل الجنة.
١٨١
واعلم أن الأسماء الواردة في القرآن منها ما ليس بانفراده ثناءً ومدحاً، كقوله : جاعل، وفالق، وصانع.
فإذا قيل :" فَالِقُ الإصْبَاحِ وَجَاعِلُ اللَّيْلِ سَكَناً " صار مدحاً وأما الاسم الذي يكون مدحاً فمنه ما إذا قُرِنَ بغيره أبلغ نحو قولنا : حيّ، فإذا قيل : الحَيُّ القَيُّومُ، أو الحَيُّ الَّذِي لا يَمُوتُ.
كان أبلغ.
وأيضاً بديع.
فإذن قلت : بَديعُ السَّمواتِ والأرضِ، ازداد المدح.
ومن هذا الباب ما كان اسم مدح ولكن لا يجوز إفراده، كقولنا : دَلِيلٌ، وكَاشِفٌ، فإذا قيل : يا دليلَ المتحيرين، يا كاشفَ الضُرِّ والبلوى جاز.
ومنه ما يكون اسم مدح مفرداً ومقروناً كقولنا : الرَّحيم الكريمُ (ومن الأسماء ما يكون تقارنُها أحسنَ كقولك : الأول الآخر، المبدئ المعيد، الظاهر الباطن، العزيز الحكيم).
جزء : ١٣ رقم الصفحة : ١٦٤