وأَلْحَقُ بالحجاز فَأَسْتَرِيحَا
جزء : ١٣ رقم الصفحة : ٤٦٠
٤٦١
وقرئ شاذاً " فيدمغه " بضم الميم، وهي محتملة لأن يكون في المضارع لأن يكون لغتان في المضارع لغتان يَفْعَل ويَفْعُل، وأن يكون الأصل والضمة للإتباع في حرف الحلق.
و " يدمَغُه " أي يصيب دماغه من قولهم : دمغت الرجل، أي ضربته في دماغه كقولهم : رأسه وكبده ورجله، إذا أصاب منه هذه الأعضاء.
وأصل الدمغ شج الرأس حتى يبلغ الدماغ.
واستعار القذف والدمغ تصويراً لإبطاله به، فجعله كأنه جرم صلب كالصخرة مثلاً قذف به على جرم رخو أجوف فدمغه : أهلكه وأذهبه ﴿فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ ذاهب، ﴿وَلَكُمُ الْوَيْلُ﴾ يعني من كذب الرسول ونسب القرآن إلى أنه سحر وأضغاث أحلام، وغير ذلك من الأباطيل.
قوله :﴿مِمَّا تَصِفُونَ﴾ فيه أوجه : أحدهما : أنه متعلق بالاستقرار الذي تعلق به الخبر، أي : استقر لكم الويل من أجل ما تصفون.
و " مِنْ " تعليلية.
وهذا وجه وجيه.
والثاني : أنه متعلق بمحذوف.
والثالث : أنه حال من الويل، أي : الويل واقعاً مما تصفون، كذا قدره أبو البقاء و " مَا " في " ممَّا تَصِفُونَ " يجوز أن تكون مصدرية فلا عائد عند الجمهور، وأن
٤٦٢
تكون بمعنى الذي، أو نكرة موصوفة، ولا بد من العائد عند الجميع، حذف لاستكماله الشروط.
والمعنى : ممّا تصفون الله بما لا يليق به من الصاحبة والولد.
وقال مجاهد : مما تكذبون.
جزء : ١٣ رقم الصفحة : ٤٦٠
قوله :﴿وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ الآية.
لما نفى اللعب عن نفسه، ونفي اللعب لا يصح إلا بنفي الحاجة، (ونفي الحاجة) لا يصح إلا بالقدرة التامة عقب تلك الآية بقوله :﴿وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ لدلالة ذلك على كمال الملك والقدرة.
وقيل : لما حكى كلام الطاعنين في النبوات، وأجاب عنها، وبين أن غرضهم من تلك المطاعن التمرد، وعدم الانقياد، بين ههنا أنه تعالى منزه عن طاعتهم لأنه هو المالك بجميع المخلوقات، ولأجل أن الملائكة مع جلالتهم مطيعون له خائفون منه فالبشر مع كونهم في نهاية الضعف أولى أن يطيعوه.
قوله :" وَمَنْ عِنْدَهُ " يجوز فيه وجهان : أحدهما : أنه معطوف على " مَنْ " الأولى أخبر تعالى عن من في السموات والأرض وعن من عنده بأن الكل له في ملكه.
وعلى هذا فيكون من باب ذكر الخاص بعد العام تنبيهاً على شرفه، لأن قوله :﴿مَن فِي السَّمَاوَاتِ﴾ شمل " مَنْ عِنْدَهُ " وقد مرَّ نظيره في قوله :" وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ " وقوله :" لاَ يَسْتَكْبِرُونَ " على هذا فيه أوجه : أحدها : أنه حال من " مَنْ " الأولى أو الثانية أو منهما معاً.
وقال أبو البقاء حال
٤٦٣
إما من " مَنْ " الأولى على قول من رفع بالظرف.
يعني : أنه إذا جعلنا " مَنْ " في قوله :﴿وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ﴾ مرفوعاً بالفاعلية والرافع الظرف وذلك على رأي الأخفش جاز أن يكون " لا يَسْتَكْبِرُونَ " حالاً من " مَنْ " الأولى، وإما من " من " " يَسْتَكْبِرُون " حالاً وكأنه يرى أن الحال لا يجيء من المبتدأ، وهو رأي لبعضهم.
ويجوز أن يكون " لاَ يَسْتَكْبِرُونَ " حالاً من الضمير المستكن في (عنده) الواقع صلة وأن يكون حالاً من الضمير المستكن في " له " الواقع خبراً.
والوجه الثاني من وجهي " مَنْ " أن تكون مبتدأ و " لاَ يَسْتَكْبِرُونَ " خبره، وهذه جملة معطوفة على جملة قبلها، وهل الجملة من قوله :﴿وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ﴾ استئنافية أو معادلة لجملة قوله :" وَلَكُمُ الْوَيْلُ " أي لكم الويل ولله جميع العالم علويه وسفليه والأول أظهر ﴿وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ﴾ أي : لا يكلون ولا يتعبون، يقال : استحسر البعير أي : كلَّ وتَعِب قال علقمة بن عبدة : ٣٧٠٦ - بِهَا جِيَفُ الحَسْرَى فَأَمَّا عِظَامُهَا
فَبِيضٌ وَأَمَّا جِلْدُهَا فَصَلِيبُ
جزء : ١٣ رقم الصفحة : ٤٦٣
ويقال : حَسِرُ البعر وحسرته أنا، فيكون لازماً ومتعدياً، وأحسرته أيضاً، فيكون فعل وأفعل بمعنى في أحد وجهي فعل.
٤٦٤