ابن عباس.
وعلى هذا الخطاب لغير السادة، لأنهم أجمعوا على أنه لا يجوز للسيد أن يدفع زكاته إلى مكاتبه.
وقال الكلبي وعكرمة وإبراهيم : هو خطاب لجميع الناس، وحث على معونة المكاتب، لقوله عليه السلام :" من أعان مكاتباً في فك رقبته أطلقه الله في ظل عرشه ".

فصل إذا مات المكاتب قبل أداء النجوم.


فقيل : يموت رقيقاً، وترتفع الكتابة سواء ترك مالاً أو لم يترك، كما لو تلف المبيع قبل القبض يرتفع البيع.
وهو قول عمر وابن عمر وزيد بن ثابت، وبه قال عمر بن عبد العزيز والزهري وقتادة، وإليه ذهب الشافعي وأحمد.
وقيل : إن ترك وفاء لما بقي عليه من الكتابة كان حراً، وإن كان فيه فضل فالزيادة لأولاده الأحرار، وهو قول عطاء وطاوس والنخعي والحسن، وبه قال مالك والثوري وأصحاب الرأي.
فصل ولو كاتب عبده كتابة فاسدة يعتق بأداء المال، لأن عتقه معلق بالأداء، وقد وجد، ويتبعه الأولاد والأكساب كما في الكتابة الصحيحة.
ويفترقان في بعض الأحكام، وهي أن الكتابة الصحيحة لا يملك المولى فسخها ما لم يعجز المكاتب عن أداء النجوم، ولا تبطل بموت المولى، ويعتق بالإبراء من النجوم.
والكتابة الفاسدة يملك المولى فسخها قبل أداء المال، حتى لو أدى المال بعد الفسخ لا يعتق، وتبطل بموت المولى، ولا يعتق بالإبراء من النجوم.
وإذا عتق المكاتب بأداء المال لا يثبت التراجع في الكتابة الصحيحة ويثبت في الكتابة الفاسدة، فيرجع المولى عليه بقيمة رقبته، وهو يرجع على المولى بما دفع إليه إن كان مالاً.
قوله تعالى :﴿وَلاَ تُكْرِهُواْ فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَآءِ...
الآية لما بين ما يلزم من تزويج العبيد والإماء وكتابتهم أتبع ذلك بالمنع من إكراه الإماء على الفجور.
واعلم أن العرب تقول للمملوك : فتى، وللمملوكة : فتاة، قال تعالى :﴿فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ﴾ [الكهف : ٦٢] وقال :" تُرَاوِدُ فَتَاهَا " وقال :﴿فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ﴾ [النساء : ٢٥].
٣٧٥
وقال عليه السلام :" ليقل أحدكم : فَتَاي وفَتَاتي، ولا يقل : عَبْدِي وأَمَتِي ".
والبِغَاء : الزنا، مصدر : بَغَتِ المَرْأَة تَبْغي بِغَاءً، أي : زَنَتْ، وهو مختص بزنا النساء.
فصل قال المفسرون : نزلت في عبد الله بن أبيّ المنافق، كان له ست جوار مُعَاذة، ومُسَيْكة، وأُمَيْمة، وعَمْرَة، وأَرْوَى، وقتيلة، يكرههن على البغاء، وضرب عليهن ضرائب يأخذها، وكذلك كانوا يفعلون في الجاهلية يؤاجرون إماءهم، فلما جاء الإسلام قالت معاذة لمسيكة : إن هذا الأمر الذي نحن فيه لا يخلو من وجهين : فإن يكن خيراً فقد استكثرنا منه، وإن كان شراً فقد آن لنا أن ندعه فشكيا إلى رسول الله - ﷺ - فنزلت الآية.
وروي أنه جاءت إحدى الجاريتين يوماً ببرد، وجاءت الأخرى بدينار، فقال لهما :" ارجعا فازنيا " فقالتا :" والله لا نفعل وقد جاء الإسلام وحرم الزنا " فأتيا رسول الله - ﷺ - وشكيا إليه، فأنزل الله - عزَّ وجلَّ - هذه الآية.
وروي أن عبد الله بن أبيّ أسر رجلاً، فأراد الأسير جارية عبد الله، وكانت الجارية مسلمة، فامتنعت الجارية لإسلامها، فأكرهها سيدها على ذلك رجاء أن تحمل من الأسير فيطلب فداء ولده، فنزلت الآية.
وروى أبو صالح عن ابن عباس قال :" جاء عبد الله بن أبيّ إلى رسول الله - ﷺ - ومعه جارية من أجمل النساء تسمى : معاذة، وقال : يا رسول الله، هذه لأيتام فلان، أفلا نأمرها بالزنا فيصيبون من منافعها.
فقال عليه السلام : لا.
فأعاد الكلام، فنزلت الآية ".
٣٧٦


الصفحة التالية
Icon