الخامس : أن يكون حالاً من فاعله.
السادس : أن يكون حالاً من مفعول " لَيُبَدِّلَنَّهُمْ ".
السابع : أن يكون حالاً من فاعله.
قوله :" لاَ يُشْرِكُونَ ".
يجوز أن يكون مستأنفاً، وأن يكون حالاً من فاعل " يَعْبُدُونَنِي " أي : يعبدونني موحدين، وأن يكون بدلاً من الجملة التي قبله الواقعة حالاً، وتقدم ما فيها.
فصل دلّ قوله :" وَعَدَ اللَّهُ " على أنه متكلم، لأن الوعد نوع من أنواع الكلام، والموصوف بالنوع موصوف بالجنس، ولأنه تعالى ملك مطاع، والملك المطاع لا بُدّ وأن يكون بحيث يمكنه وعد أوليائه ووعيد أعدائه، فثبت أنه سبحانه متكلم.
فصل ودلت الآية على أنه سبحانه يعلم الأشياء قبل وقوعها خلافاً لهشام بن الحكم، فإنه قال : لا يعلمها قبل وقوعها.
ووجه الاستدلال أنه تعالى أخبر عن وقوع شيء في المستقبل إخباراً على التفصيل.
وقد وقع المخبر مطابقاً للخبر، ومثل هذا الخبر لا يصح إلا مع العلم.
فصل ودلت الآية على أنه تعالى حي قادر على جميع الممكنات لقوله :" لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ في الأَرْضِ ولَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً " وقد فعل كل ذلك، وصدور هذه الأشياء لا يصح إلا من القادر على كل الممكنات المقدورات.

فصل ودلت الآية على أنه سبحانه هو المستحق للعبادة، لأن قال :" يَعْبُدُونَنِي ".


وقالت المعتزلة : الآية تدل على أن فعل الله تعالى معلل بالغرض، لأنَّ المعنى : لكي يعبدونني.
وقالوا أيضاً : الآية تدل على أنه سبحانه يريد العبادة من الكل، لأنّ من
٤٣٩
فعل فعلاً لغرض، فلا بدَّ وأن يكون مريداً لذلك الغرض.
فصل ودلت الآية على أنه سبحانه منزه عن الشريك، لقوله :﴿لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً﴾ وذلك يدل على نفي الإله الثاني، وعلى أنه لا يجوز عبادة غير الله سبحانه.
فصل ودلت الآية على نبوة محمد - ﷺ - لأنه أخبر عن الغيب بقوله :﴿لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ﴾ ﴿وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾ وقد وجد هذا المخبر موافقاً للخبر، ومثل هذا الخبر معجز، والمعجز دليل الصدق، فدل على صدق محمد عليه السلام.
فصل دلت الآية على أنّ العمل الصالح خارج عن مسمى الإيمان، خلافاً للمعتزلة، لأنه عطف العمل الصالح على الإيمان، والمعطوف خارج عن المعطوف عليه.
فصل دلت الآية على إمامة الأئمة الأربعة، لأنه تعالى وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الحاضرين في زمان محمد - عليه السلام - بقوله :" مِنْكُمْ " بأنه يستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم، وأن يمكن لهم دينهم المرضي، وأن يبدلهم بعد الخوف أمناً، ومعلوم أن المراد بهذا الوعد بعد الرسول هؤلاء، لأن استخلاف غيره لا يكون إلا بعده، ومعلوم ألا نبيّ بعده، لأنه خاتم الأنبياء، فإذن المراد بهذا الاستخلاف طريقة الإمامة، ومعلوم أن بعد الرسول لا يحصل هذا الاستخلاف إلاّ في أيام أبي بكر وعمر وعثمان، لأنّ في أيامهم كان الفتوح العظيم، وحصل التمكن، وظهر الدين والأمن، ولم يحصل ذلك في أيام عليّ - كرم الله وجهه - لأنه لم يتفرغ لجهاد الكفار، لاشتغاله بمحاربة من خالفه من أهل الصلاة، فثبت بهذا دلالة الآية على صحة خلافة هؤلاء.
فإن قيل : الآية متروكة الظاهر، لأنها تقتضي حصول الخلافة
٤٤٠


الصفحة التالية
Icon