٣٨٧٩ - وَقَائِلَةٍ خوْلاَنُ فَانْكِحْ فَتَاتَهُمْ
أو يكون صفة الذي خلق، إذا قلنا : إنه مرفوع.
وقرأ زيد بن علي " الرَّحْمَنِ " بالجر فيتعين أن يكون نعتاً للذي خلق و " الَّذِي خَلَقَ " صفة للحي فقط، لئلا يفصل بين النعت ومنعوته بأجنبي.
قوله :" فَاسْأَلْ بِهِ " في الباء قولان : أحدهما : هي على بابها، وهي متعلقة بالسؤال، والمراد بـ " الخَبِير " الله تعالى، ويكون من التجريد، كقولك : لقيت به أسداً والمعنى فاسأل الله الخبير بالأشياء.
قال الزمخشري : أو فاسأل بسؤاله خبيراً كقولك : رأيت به أسداً، أي برؤيته انتهى.
قال الكلبي : فاسأل خبيراً به، فقوله :" به " يعود إلى ما ذكر من خلق السموات والاستواء على العرش، والباء من صلة الخبير، وذلك الخبير هو الله تعالى ؛ لأنه لا دليل في العقل على كيفية خلق السموات والأرض، ولا يعلمها أحد إلا الله تعالى، فـ " خَبِيراً " مفعول " اسْأَل " على هذا، أو منصوب على الحال المؤكدة، واستضعفه أبو البقاء.
قال : ويضعف أن يكون " خَبِيراً " حالاً من فاعل " اسْأَلْ " ؛ لأن " الخبير " لا يسأل إلا على جهة التوكيد كقوله :﴿وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً﴾ [البقرة : ٩١].
ثم قال : ويجوز أن يكون حالاً من " الرَّحْمَنُ " إذا رفعته بـ " اسْتَوَى ".
والثاني : أن تكون الباء بمعنى " عن " إما مطلقاً وإما مع السؤال خاصة كهذه الآية الكريمة، وكقول علقمة بن عبدة :
٥٥٧
٣٨٨٠ - فإنْ تَسَْأَلُونِي بِالنِّسَاءِ فَإنَّنِي
خَبِيرٌ بِأَدْوَاءِ النِّسَاءِ طَبِيبُ
جزء : ١٤ رقم الصفحة : ٥٥٤
والضمير في " به " لله تعالى، و " خَبِيراً " من صفات الملك وهو جبريل قال ابن عباس : إن ذلك الخبير هو جبريل - عليه السلام - وإنما قدم لرؤوس الآي وحسن النظم وهو قول الزجاج والأخفش.
ويجوز على هذا أي : كون " خَبِيراً " من صفات جبريل، أن تكون الباء على بابها، وهي متعلقة بـ " خبير " كما تقدم، أي : فاسأل الخبراء به.
وقال ابن جرير : الباء في " بِهِ " صلة، والمعنى : فاسأله خبيراً و " خَبِيراً " نصب على الحال.
وقيل : قوله :" بِهِ " يجري مجرى القسم كقوله :﴿وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ﴾ [النساء : ١].
قوله تعالى :﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـانِ﴾ الآية.
قال أكثر المفسرين : الرحمن اسم من أسماء الله مكتوب في الكتب المتقدمة والعرب ما عرفوه.
قال مقاتل :" إن أبا جهل قال : إن الذي يقول محمد شعر، فقال عليه السلام :" الشعر غير هذا إن هذا إلا كلام الرحمن "، فقال أبو جهل : بخ بخ لعمري والله إنه لكلام الرحمن الذي باليمامة هو يعلمك، فقال عليه السلام :" الرحمن الذي في السماء ومن عنده يأتيني الوحي "، فقال : يا أبا غالب من يعذرني من محمد يزعم أن الله واحد وهو يقول : الله يعلمني والرحمن، ألستم تعلمون أنهما إلهان " قال القاضي : والأقرب أن مرادهم إنكار الله لا الاسم، لأن هذه اللفظة عربية وهم كانوا يعلمون أنها تفيد المبالغة في الإنعام، ثم إن قلنا : إنهم كانوا منكرين (لله كان قولهم) :" وَمَا الرَّحْمَن " سؤال عن الحقيقة كقول فرعون :﴿وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء : ٢٣]، وإن قلنا : إنهم كانوا مقرين بالله لكنهم جهلوا كونه تعالى مسمى بهذا الاسم كان قولهم " وَمَا الرَّحْمَن " سؤال عن هذا الاسم.
٥٥٨
قوله :﴿أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا﴾ قرأ الأخوان بياء الغيبة، يعنون محمداً كأن بعضهم قال لبعض : أنسجد لما يأمرنا محمدٌ أو يأمرنا المسمى بالرحمن ولا نعرف ما هو.
والباقون بالخطاب، يعني لما تأمرنا أنت يا محمد.
و " ما " يجوز أن يكون بمعنى (الذي)، والعائد محذوف لأنه متصل ؛ لأن (أمر) يتعدى إلى الثاني بإسقاط الحرف، ولا حاجة إلى التدرج الذي ذكره أبو البقاء وهو أن الأصل : لما تأمرنا بالسجود له، ثم بسجوده، ثم تأمرناه، ثم تأمرنا، كذا قدره، ثم قال : هذا على مذهب أبي الحسن وأما على مذهب سيبويه فحذف ذلك من غير تدريج.
قال شهاب الدين : وهذا ليس مذهب سيبويه.
ويجوز أن تكون موصوفة، والكلام في شهاب الدين : وهذا ليس مذهب سيبويه.
ويجوز أن تكون موصوفة، والكلام في عائدها موصوفة كهي موصولة ويجوز أن تكون مصدرية، وتكون اللام للعلة، أي : أنسجد من أجل أمرك وعلى هذا يكون المسجود له محذوفاً، أي : أنسجد للرحمن لما تأمرنا، وعلى هذا لا تكون " ما " واقعة على العالم، وفي الوجهين الأوليين يحتمل ذلك وهو المتبادر للفهم.
قوله :" وَزَادَهُمْ نُفُوراً " قول القائل لهم اسجدوا للرحمن.
نفوراً عن الدين والإيمان.
ومن حقه أن يكون باعثاً على الفعل والقبول، قال الضحاك : سجد الرسول وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعثمان بن مظعون وعمرو بن عنبسة، ولما رآهم المشركون يسجدون تباعدوا في ناحية المسجد مستهزئين من هذا، وهو المراد من قوله " وَزَادَهُمْ نُفُوراً " أي : فزادهم سجودهم نفوراً.