كريم " : إذا كان مرضياً في فوائده ومعانيه.
و " النبات الكريم " : هو المرضيّ في منافعه مما يأكل الناس والأنعام يقال : نخلة كريمة :[إذا طاب حملها، وناقة كريمة] : إذا كثر لبنها.
قال الشعبي : الناس مثل نبات الأرض، فمن دخل الجنة فهو كريم، ومن دخل النار فهو لئيم.
قوله :" كَمْ أَنْبَتْنَا ".
" كَمْ " للتكثير، فهي خبرية، وهي منصوبة بما بعدها على المفعول به، أي : كثيراً من الأزواج أنبتنا، و ﴿مِن كُلِّ زَوْجٍ﴾ تمييز.
وجوَّز أبو البقاء أن تكون حالاً.
ولا معنى له.
قال الزمخشري : فإن قلت : ما معنى الجمع بين " كَمْ " و " كُلِّ " ولو قيل : أنبتنا فيه من زوج كريم.
قلت : قد دل " كُلّ " على الإحاطة بأزواج النبات على سبيل التفصيل، و " كَمْ " على أن هذا المحيط مُتَكَاثِرٌ مُفْرِطٌ في الكثرة.
قوله :﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ الذي ذكرت " لآيَةً " دلالة على لوجودي وتوحيدي وكمال قدرتي وقوله :" لِلْمؤْمِنِينَ " كقوله :﴿هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة : ٢] لأنهم المنتفعون بذلك ﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ﴾ : مصدقين، أي : سبق علمي فيهم أن أكثرهم لا يؤمنون.
وقال سيبويه :(كان) هنا صلة، مجازه : وما أكثرهم مؤمنين.
﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ وإنما قدم ذكر " العزيز " على ذكر " الرَّحِيم " لأنه لو لم يقدِّمه لكان ربما قيل : إنه رحيم لعجزه عن عقوبتهم، فأزال هذا الوهم بذكر " العزيز " وهو لاغالب القاهر ومع ذلك فإنه رحيم بعباده، فإن الرحمة إذا كانت عن القدرة الكاملة كانت أعظم وقعاً.
فإن قيل : حين ذكر الأزواج دلَّ عليها بكلمتي الكثرة والإحاطة، وكان لا يحصيها إلا عالم الغيب، فكيف قال :﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً﴾ ؟ وهلا قال : لآيات ؟.
فالجواب من وجهين : أحدهما : أن يكون ذلك مشاراً به إلى مصدر " أنبتنا " فكأنه قال : إن في ذلك الإنبات لآية.
والثاني : أن يراد : إن في كل واحد من تلك الأزواج لآية.
جزء : ١٥ رقم الصفحة : ٦
قوله تعالى :﴿وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى ﴾ الآية.
العامل في " إذْ نَادَى " مضمر، فقدره الزجاج : اتْلُ.
وقدره غيره : اذكر.
واختلف في النداء الذي سمعه موسى - عليه السلام - من الله تعالى، فقيل : هو الكلام القديم، فكما أن ذاته تعالى لا تشبه سائر الذوات مع أن الدليل دل على أنها معلومة ومرتبة، فكذا كلامه منزه عن مشابهة الحرف والصوت مع أنه مسموع وقيل : كان نداء من جنس الحروف والأصوات.
وقالت المعتزلة : كان ذلك النداء حروفاً وأصواتاً علم به موسى من قبل الله تعالى فصار معجزاً، علم به موسى أن الله تعالى مخاطب له فلم يحتج مع ذلك إلى واسطة.
قوله :﴿أَنِ ائْتَ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾.
يجوز أن تكون " أَنْ " مفسِّرة، وأن تكون مصدرية، أي : بأن.
قوله :" قَوْمَ فِرْعَوْنَ ".
بدل أو عطف بيان لـ " القَوْمَ الظَّلِمِينَ ".
وقال أبو البقاء : إنه مفعول (تَتَّقُونَ) على قراءة من (تَتَّقُونَ) بالخطاب وفتح النون، كما سيأتي.
ويجوز على هذه القراءة أن يكون ماندى.
قوله :" أَلاَ يَتَّقُونَ ".
العامة على الياء في " يَتَّقُونَ " وفتح النون، والمراد قوم فرعون، والمفعول محذوف، أي : يتقون عقابي، [وقرأ عبد الله بن مسلم بن يسار، وحماد، وشقيق بن سلمة بالتاء من فوق
على الالتفات، خاطبهم بذلك توبيخاً] والتقدير : يا قوم فرعون.
وقرأ بعضهم :" يَتَّقُونِ " بالياء من تحت، وكسر النون، وفيها تخريجان : أحدهما : أن " يَتَّقُونِ " مضارع، ومفعوله ياء المتكلم اجتزئ عنها بالكسرة.
والثاني : جوَّزه الزمخشري، أن تكون " يا " للنداء، و " اتَّقُونِ " فعل أمر، كقوله :﴿أَلاَّ يَسْجُدُواْ للَّهِ﴾ [النمل : ٢٥] أي : يا قوم اتقون، أو يا ناس اتقون.
وسيأتي تحقيق مثل هذا في السورة تحتها.
وهذا تخريج بعيد.
وفي هذه الجملة وجهان : أحدهما : أنها مستأنفة لا محل لها من الإعراب.
وجوّز الزمخشري أَن تكون حالاً من الضمير في " الظَّالمِينَ " أي : يظلمون غير متَّقين اللَّهَ وعقابَه، فأُدخلت همزةُ الإنكار على الحال.
وخطأه أبو حيان من وجهين : أحدهما : أنه يلزم عنه الفصل بين الحال وعاملها بأجنبي منهما، فإن أعرب " قَوْمَ فِرْعَوْنَ " عطف بيان لـ " القَوْمَ الظَّالمينَ ".
والثاني : أنه على تقدير تسليم ذلك لا يجوز أيضاً ؛ لأن ما بعد الهمزة لا يعمل فيما قبلها، قال : وقولك :(جئتُ أمسرعاً)، إن جعلت (مسرعاً) معمولاً لـ(جئت)لم يجز، فإن أضمرت عاملاً جاز.
والظاهر أن " أَلاَ " للعرض.
وقال الزمخشري : إنها (لا) النافية، دخلت عليها همزة الإنكار.
وقيل : هي للتنبيه.