واعلم أن الله تعالى وصفهم بأمور : الأول : الإيمان، وهو قوله :﴿إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُواْ﴾.
وثانيها : العمل الصالح، وهو قوله :" وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ".
وثالثها : أن يكون شعرهم في التوحيد والنبوة، ودعوة الحق، وهو قوله :[ ﴿وَانتَصَرُواْ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ﴾ ].
ورابعها : أنْ لا يذكروا هجواً إلا على سبيل الانتصار ممن يهجوهم وهو] ﴿وَانتَصَرُواْ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ﴾ قال الله تعالى :﴿لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّواءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ﴾ [النساء : ١٤٨].
وروي أن النبي - ﷺ - قال :" إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً " وقالت عائشة : الشعر كلام فمنه حسن ومنه قبيح فخذ الحسن ودع القبيح.
وقال الشعبي : كان أبو بكر يقول الشعر، [وكان عمر يقول الشعر]، وكان عليٌّ أشعر الثلاثة.
وروي عن ابن عباس أنه كان ينشد الشعر في المسجد ويستنشده.
وقوله :﴿وَذَكَرُواْ اللَّهَ كَثِيراً﴾ أي : لم يشغلهم الشعر عن ذكر الله، ﴿وَانتَصَرُواْ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ﴾ أي : انتصروا من المشركين، لأنهم بدأوا بالهجاء، ثم أوعد شعراء المشركين فقال :﴿وَسَيَعْلَمْ الَّذِينَ ظَلَمُوا ااْ﴾ أشركوا وهجوا رسول الله - ﷺ - ﴿أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ أيّ مرجع يرجعون بعد الموت.
قال ابن عباس : إلى جهنم والسعير.
قوله :" أَيَّ مُنْقَلَبٍ " منصوب على المصدر، والناصب له " يَنْقَلِبُونَ " وقُدِّم، لتضمنه معنى الاستفهام، وهو معلق لـ " سَيَعْلَمُ " سادّاً مسدّ مفعوليها.
وقال أبو البقاء :" أيَّ مُنْقَلَبٍ " صفة لمصدر محذوف، أي : ينقلبون انقلاباً أي منقلب، ولا يعمل في " سَيَعْلَمُ " لأنَّ الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله.
وهذا مردود بأن أيّاً الواقعة صفة لا تكون استفهامية، وكذلك استفهامية لا تكون صفة لشيء بل كل منهما قسم برأسه.
١٠٠
و " أي " تنقسم إلى أقسام كثيرة، وهي : الشرطية، والاستفهامية، والموصولة، والصفة، والموصوفة عند الأخفش خاصة، والمناداة نحو : يا أيهذا والمُوصّلة لنداء ما فيه (أل) نحو : يا أيُّهَا الرجلُ.
عند غير الأخفش، والأخفش يجعلها في النداء موصولة.
وقرأ ابن عباس والحسن ﴿أَيَّ مُنْفَلَتٍ يَنْفَلِتُونَ﴾ بالفاء والتاء من فوق من الانفلات.
روى الثعلبي في تفسيره عن ابن عباس " أن النبي - ﷺ - قال :" أُعْطيتُ السورة التي
١٠١
يذكر فيها البقرة من الذكر الأول، وأعطيت طه والطواسين من ألواح موسى، وأعطيت فواتح القرآن وخواتيم السورة التي يذكر فيها البقرة من تحت العرش، وأعطيت المفصل نافلة " وعن أنس " أن رسول الله - ﷺ - قال :" إنَّ اللَّه تعالى أعطاني السبع مكان التوراة، وأعطاني الطواسين مكان الزبور، وفضلني بالحواميم والمفصل، ما قرأهن نبي قبلي " وعن أبي أمامة عن أُبيّ بن كعب قال :" قال رسول الله - ﷺ - :" من قرأ سورة الشعراء كان له من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق بنوح وكذب به، وهو : وشعيب، وصالح، وإبراهيم، وبعدد من كذب بعيسى، وصدق بمحمد - ﷺ - "
١٠٢
جزء : ١٥ رقم الصفحة : ٩٧


الصفحة التالية
Icon