قوله :﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ﴾ أي سبحوا الله، ومعناه صلوا عليه حين " تمسون " تدخلون في المساء، وهو صلاة المغرب والعشاء " وحين تصبحون " أي تدخلون في الصباح وهو صلاة الصبح.
﴿وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ قال ابن عباس : يَحْمَدُهُ أهل السماوات والأرض ويصلون " وَعَشيّاً " أي صلوا لله عشياً ؛ يعني صلاة العصر " وحِينَ تُظْهِرُونَ " أي تدخلون في الظهيرة وهي صلاة الظهر، قال نافع الأزرق لابن عباس، هل تجد الصلوات الخمس في القرآن ؟ قال : نعم وقرأ هاتَيْنِ الآيتين، وقال : جمعت الآية الصلوات الخمس ومواقيتها.
وروى أبو هريرة " أن رسول الله - ﷺ - قال " مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحْمْدِهِ فِي يَوْم مائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وإنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ " (وقال عليه السلامَ :" مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبحُ وَحِينَ يُمْسِي سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ مائةَ مَرَّةِ لَمْ يَأْتِ أَحِدٌ يَوْمَ القِيَامَةِ بِأَفْضَلَ ممّا جَاءَ بِهِ إلاَّ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أوْ زَادَ عَلَيْهِ "، وقالَ عليه السلام :" كَلَمَتانِ خَفِيفَتَانِ على اللِّسانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ حَبيبَتَانِ عَلَى الرَّحمَن : سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ الله العَظيم " قوله :" تُمْسُونَ وتُصْبِحُونَ " تامَّاتٌ) أي تدخلون في المساء والصباح كقولهم : إذا سَمِعْتَ بِسُرَى القَيْنِ فاعلم بأنه (مُصْبِح) أي مقيم في الصباح.
والعامة على إضافة الظرف إلى الفعل بعده، وقرأ عكرمة :" حِيناً " بالتنوين، والجملة بعده صفة له، والعائد حينئذ محذوف أي تُمْسُونَ فيه، كقوله ﴿وَاخْشَوْاْ يَوْماً لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ﴾ [لقمان : ٣٣].
والناصب لهذا الظرف " سُبْحَانَ " لأنّه نائب عن عامله.
قوله :" وَعَشيّاً " عطف على " حين " وما بينهما اعتراض و " في السَّمَوَاتِ " يجوز أن يتعلق بنفس الحمد (أي أن الحمد) يكون في هذين الظرفين.
٣٩٤
جزء : ١٥ رقم الصفحة : ٣٩٤
قوله :﴿يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ﴾.
قد تقدم اختلاف القراء في تخفيف الميت وتثقيله وكذلك قوله " تُخْرَجُونَ " في سورة الأعراف، و " كَذَلِكَ " نعت مصدر محذوف أي ومثل ذلك الإخراج العجيب تُخْرَجُونَ.
واعلم أن وجه تعلق إخراج احي من الميت والميت من الحي بما قبله هو أن عند الإصباح يخرج الإنسان من سُنَّةِ النَّوْم وهو النوم إلى سنة الوجود وهي اليقظة وعند العشاء يخرج الإنسان من اليقظة إلى النوم.
واختلف المفسرون في قوله :﴿يخرج الحي من الميت﴾ فقال أكثرهم يخرج الدجاجة من البيضة، والبيضة من الدجاجة وكذلك الحيوان من النطفة والنطفة من الحيوان.
وقيل : يخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن ثم قال :﴿وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ وفي هذا معنى لطيف وهو أن الإنسان بالموت تبطل حواسه، وأما نفسه الناطقة فتفارقه، وتبقى بعده كما قال :﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً﴾ [آل عمران : ١٦٩] لكن الحيوان نام متحرك حساس لكن النائم لا يتحرك، ولا يُحس، والأرض الميتة لا يكون فيها نماء، (ثم) النائم بالانتباه يتحرك ويحس والأرض بعد موتها (ينمو) نباتها، فكما أن تحريك ذلك الساكن وهذا الواقف سهل على الله، كذلك إحياء الميت سهل على الله، وإلى هذا أشار بقوله " وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ ".
جزء : ١٥ رقم الصفحة : ٣٩٤


الصفحة التالية
Icon