وبهذا يظهر فساد قول من قال : إن في هذه القراءة يتعين (القول بالعطف على " أن " كأنه يوهم أنه ليس ثَمَّ مُسَوِّغ، وقرأ عبد الله وأبيّ " تَمُدُّهُ " بالتأنيث لأجل " سبعةٍ " والحَسَنُ، وابن هُرْمُز، وابن مِصْرِفٍ " يُمِدُّهُ " بالياء من تحت مضمومة وكسر الميم من أَمَدَّهُ وقد تقدم اللغتان في آخر الأعراف وأوائل البقرة، والأل واللام في البحر لاستغراق الجنس أي (وكل) بحرٍ مدادٍ.
فصل المعنى والبحر يمده، أي يَزيدُه، وينصب فيه من بعده أي من بعد خلقه سبعةُ أَبْحُر، وهذا إشارة إلى بحارٍ غير موجودة يعني لو مدت البحار الموجودة سبعة أبحر أخرى، وقوله :" سبعة " ليس لانحصارها في سبعة وإنما الإشارة إلى المدد والكثرة، ولو بألفِ بحْر، وإنما خُصّت السبعةُ بالذكر من بين الأعداد لأنها عدد كثير يحصر المعدود في العادة، ويدل على ذلك وجوه : الأول : أن المعلوم عند كل أحد لحاجته إليه هو الزمان والمكان فالزمان
٤٦١
منحصر في سبعة أيام، ولأن الكواكب السيارة سبعة، والمنجمون ينسبون إليها مراراً فصارت السبعة كالعدد الحصر للمُكْثراتِ الواقعة في العادة فاستعملت في كُلِّ كَثِيرٍ.
الثاني : أن في السبعة معنّى يخصها ولذلك كانت السماواتُ سبعاً، والأرضينَ سبعاً، (وأبواب جهنم سبعاً)، وأبواب الجنة ثمانية لأنها الحسنى وزيادة فالزيادة هي الثامن ؛ لأن العرب عند الثامن يزيدون واواً، يقول الفراء : إنها واو الثمانية وليس ذلك إلا للإستئناف ؛ لأن العدد تم بالسبعة.
واعلم أن في الكلام اختصاراً تقديره : ولَوْ أَنَّ ما فِي الأَرْضِ من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يَمُدُّه مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أبحُرٍ يكتب بها كلام الله ما نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ.
قوله :" كلمات الله " قال الزمخشري :
٤٥٧
فإن قلتَ : الكلماتُ جمعُ قلَّةٍ، والموضوع موضع تكثير فهلا قِيلَ : كَلِمٌ ؟ قلتُ : معناه أن كلماته لا يقع بكتبها البحار يكفي بِكَلِمِهِ، يعني أنه من باب التنبيه بطريق الأولى.
ورده أبو حيان بأن جمع السلامة متى عرف " بأل " (غير العهدية، أو أضيف عَمَّ).
قال شهاب الدين : للناس خلاف في " أل " هل تعم أو لا ؟ وقد يكون الزمخشري مِمَّنْ لا يرى العموم ولم يزل الناس يشكون في بَيْت حَسَّانَ - رضي الله عنه - : ٤٠٥٩ - لَنَا الجَفَنَاتُ الغُرُّ يَلْمَعْنَ بالضُّحَى
..............................
جزء : ١٥ رقم الصفحة : ٤٥٨
ويقولون : كيف أتى بجمع القلة في مقام المدح ولم لم يقل " الجفان " وهو تقرير
٤٦٢


الصفحة التالية
Icon