قال الزمخشري : ولو تجيء في معنى التمني كقولن :" لو تأتيني فتحدثني " (كما تقول) :" لَيْتَكَ تَأتِيني فَتُحَدِّثَنِي " قال ابن مالك : أن أراد به الحذف أي وَدِدْتُ لو تأتني فتحدثني فصحِيح وإن أراد أنها موضوعة له فليس بصحيح، إل لو كانت موضوعة له لم يجمع بينها وبينه كما لم يجمع من " ليت " والتمني، ولا " لعل وأترجّى "، ولا " إلا " وأستثني، ويجوز أن يجمع بين " لو " وأتمنى تقول (تَمَنَّيتُ لَوْ فَعَلْتُ كذا)، والمخاطب يحتمل أن يكون - النبي ﷺ - شفاء لصدره، فإنهم كانوا يؤذونه بالتكذيب، ويحتمل أن يكون عاماً، و " إذْ " على بابها من المضي ؛ لأن " لو " تصرف المضارع للمضي، وإنما جيء هنا ماضياً لتحقق وقوعه نحو :﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ﴾ [النحل : ١].
وجعله أبو البقاء مما وقع فيه " إذ " مَوْقع " إذَا ".
ولا حاجة إليه.
والمراد بالمجرمين المشركين.
٤٨٢
قوله :" نَاكِسُوا " العامة على أنه اسم فاعل مضاف لمفعوله تخفيفاً، وزيدُ بن علي " نَكِسُوا " فعلاً ماضياً " رُؤُوسَهُمْ " مفعول به، والمعنى مُطَأطِئُون رُؤُوسِهِمْ.
قوله :" رَبَّنا " على إضمار القول، وهو حال أي قائلينَ ذلك، وقدره الزمخشري يَسْتَغيثُونَ بقولهم، وإضمار القول أكْثَرُ.
قوله :" أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا " يجوز أن يكون المفعول مقدراً أي أ[صرنا ما كنّا نكذب وسمعنا ما كنا ننكر.
ويجوز أن لا يقدر أي صِرْنَا بُصَرَاءَ سَمِيعِينَ فارْجِعْنَا (إلى الدنيا) نَعْمَل صِالِحاً " يجوز أن يكون " صالحاً " مفعولاً به، وأن يكون نعت مصدر، وقولهم " إنَّا مُوقِنُونَ " أي إنا آمنا في الحال، ويحتمل أن يكون المراد أنهم ينكرون الشرك كقولهم :﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام : ٢٣].
جزء : ١٥ رقم الصفحة : ٤٧٠
قوله :﴿وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا﴾ رشدها وتوفيقها للإيمان، وهذا جواب عن قولهم : ربنا أبَصْرنَا وَسَمِعْنَا وذلك أن الله تعالى قال : إني لو رجعتكم إلى الإيمان لهديتكم في الدنيا، ولما لم أهدكم في الدنيا تبين أني ما أردتُ وما شئت إيمانكم فلا أردكم، وهذا صريح في الدلالة على صحة مذهب أهل السنة حيث قالوا إن الله تعالى ما أراد الإيمان من الكافر، وما شاء منه إلا الكُفْرَ.
٤٨٣
قوله :﴿وَلَـاكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي﴾ وجب القول (مني) وهو قوله تعالى :﴿لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾.
﴿فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ﴾ قال مقاتل : إذا دخلوا النار قال لهم الخزنة :﴿فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـاذَآ﴾ أي تركتم الإيمان به في الدنيا.
" لِقَاءَ يَوْمِكُمْ " (يجوز فيه أوجه : أحدها : أنها من التنازع لأن " ذُوقُوا " يطلب " لِقَاء يَوْمِكُمْ " و " نَسِيتُمْ " يطلبه أيضاً أي ذُوقُوا عَذَابَ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ) هذا بما نَسِيتُمْ عذاب لقاء يومكم هذا ويكون من إعمال الثاني عند البصريين ومن إعمال الأول عند الكوفيين، والأول أصح لللحذف من الأول ؛ إذ لو عمل الأول لأضمر في (الثاني).
الثاني : أن مفعول " ذُوقُوا " محذوف أي ذُوقُوا العذاب بسبب نِسْيَانِكم لقاءَ يومكم، (و " هذا " على هذين الإعرابين صفة " ليَوْمِكُمْ ".
الثالث : أن يكون مفعول " ذُوقُوا " " هَذَا " والإشارة به إلى العذاب، والباء سببية أيضاً أي فذوقها هذا العذاب بسبب نِسْيَانكم لقاء يومكم)، وهذا ينبو عنه الظاهر، قال ابن الخطيب " هذا " يحتمل ثلاثة أوجه : أن يكون إشارة إلى اللقاء (وأن يكون إشارة إلى اليوم)، وأن يكون إشارة إلى العذاب، ثم قال :" إنَّا نَسِينَاكُمْ " تركناكم غيرَ ملتفت إليكم ﴿وَذُوقُواْ عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ من الكفر والتكذيب.
قوله :﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّداً﴾ سقطوا على وجوههم ساجدين ﴿وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾، قيل : سلموا بأمر ربهم.
وقيل : قالوا سُبْحَانَ الله وبحمده ﴿وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ﴾ عن الإيمان به والسجود له.
قوله :﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ يجوز في " تَتَجَافَى " أنْ يكون مستأنفاً،
٤٨٤
وأن يكون حالاً وكذلك " يَدْعُونَ " إذا جعل " يَدْعُون " حالاً احتمل أن يكون حالا ثانية، وأن يكون حالاً من الضمير في " جنوبهم " ؛ لأن المضارع خبرٌ، والتجافي الارتفاع، وعبر به عن ترك النوم، قال ابن رواحة : ٤٠٦٦ - نَبِيٌّ تَجَافَى جَنْبُهُ عَنْ فِرَاشِهِ
إذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْمُشْرِكِينَ المَضَاجِعُ
جزء : ١٥ رقم الصفحة : ٤٨٣


الصفحة التالية
Icon