أي واستقبلتنا باليد قال :" ويكون على هذا المعنى أبلغ من مدحهن ؛ إذ لم يعلق فضيلتهن على التقوى ولا على نهيه عن الخضوع بها إذْ هنّ متقيات لله في أنفسهن، والتعليق يقتضي ظاهره أنهن لسن متحليات بالتقوى، قال شهاب الدين : هذا خروج عن الظاهر من غير ضرورة وأما البيت فالاتِّقاءُ أيضاًعلى بابه أي صانت وجهها بيدها عنا.
قوله :" فَيَطْمَعَ " العامة على نصبه جواباً للنهي، والأعرج بالجزم فيكسر العين لالتقاء الساكنين وروي عنه وعن أبي السَّمَّال وعيسى بن عمر وابن مُحَيْصِن بفتح الياء وكسر الميم، وهذا شاذ حيث توافق الماضي والمضارع في حركة.
وروى عن الأعرض أيضاً أنه قرأ بضم الياء وكسر الميم من " أَطْمَع " وهي تحتمل وجهين : أحدهما " أن يكون الفاعل ضميراً مستتراً عائداً ععلى الخضوع المفهوم من الفعل و " الذي " مفعوله أي لا تخضعن فيطمع الخضُوع المريضَ القلبِ، ويحتمل أن يكون " الذي " فاعلاً، ومفعوله محذوف أي فيطمع المريض نفسه.
فصل قال ابن عباس : معنى لسْتُنَّ كأحد من السناء يريد ليس قدركن عندي مثل قدر غيركن من النساء الصالحات أنتن أكرم عليّ، وثوابكن أعظم لَدَيَّ، ولم يقل كواحد لأن الأحد عام يصلح للواحد، والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث، قال تعالى :﴿لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ﴾ [البقرة : ٢٨٥} وقال :﴿فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ [الحاقة : ٤٧] وقوله :" إِنْ اتَّقَيْتُنَّ " الله فأطعتنّه ولما منعهن من الفعل القبيح منعهن من مقدماته وهي
٥٤٣
المحادثة مع الرجال فقال :﴿فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ﴾ أي تُلِنَّ القولَ للرجال، ولا ترفضن الكلام ﴿فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾ أي فسق وفجور وشهوة، وقيل : نِفاق أي لا تقولن قولاً يجدُ منافقٌ أو فاجرٌ به سبيلاً إلى المطامع فيكُنَّ والمرأة مندوبة إلى الغلظة في المقالة إذا خاطبت الأجانب لقطع الأطماع ﴿وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً﴾ أي ذكر الله وما تحتجن إليه من الكلام مما يوجب الدين والإسلام بتصريح أو بيان من غير خضوع.
قوله :﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾ قرأ نافعٌ وعاصمٌ بفتح القاف والباقون بكسرها، فأما الفتح فمن وجهين : أحدهما : أنه أمر من قَرِرْتُ - بكسر الراء الأولى - في المكان أَقَرُّ به - بالفتح - فاجتمع راءان في :" اقرَرْنَ " فحذفت الثانية تخفيفاً، ونقلت حركة الراء الأولى إلى القاف فحذفت همزة الوصل استغناء عنها فصار " قَرْنَ " على وزن " فَعْنَ " فإن المحذوف هو اللام لأنه حصل أخرى ساكنة فحذفت الأولى لالتقاء الساكنين، ووزنه على هذا " فَلْنَ " فإن المحذوف هو العين، وقال أبو علي : أبدلتِ الراءُ الأولى ياءً ونقلت حركتها إلى القاف، فالتقى ساكنان فحذفت الياء لالتقائهما، فهذه ثلاثة أوجه في توجيه أنها أمر من " قَررتُ بالمكانِ ".
والوجه الثاني : أنها أمر من " قَارَ - يَقَارُ - " كخَافَ يَخَافُ إذا اجتمع، ومنه " القَارَةُ " لاجتماعها، فحذفت العين لالتقاء الساكنين، فقيل :" قِرْنَ " " كخِفْنَ " ووزنه على على هذا أيضاً : فلْنَ، إلا أن بعضهم تكلم في هذه القراءة من وجهين :
٥٤٤


الصفحة التالية
Icon