بأَرْضِ العِدَا مِنْ خَشْيَةِ الحَدَثَانِ
واللذيد كل شيء مستطابٌ.
وأنشد : ٤١٩٧ - يَلذُّ لِطَعْمِهِ وَتَخَالُ فِيهِ
إذَا نَبَّهْتَهَا بَعءدَ الْمَنَامِ
و " للشَّارِبينَ " صفة " لِلَذّةِ " وقال اللَّيْث : اللَّذَّة واللَّذِيذَة يجريان مَجْرَى واحداً في النعت يقال : شَرَابٌ لَذَّ ولذيدٌ قال تعالى :﴿بَيْضَآءَ لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ﴾ وقال تعالى :﴿مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ﴾ [محمد : ١٥] وعلى هذا " لَذَّة " بمعنى لذيذ.
قوله :﴿لاَ فِيهَا غَوْلٌ﴾ صفة أيضاً وبطل عمل لا وتكررت لتقدم خبرها، وتقدم أول البقرة فائدة تقيم مثل هذا الخبر، والبحثُ مع أبي حيان فيه.
قال الفراء : العرب تقول ليس فيها غِيلَةٌ وغائلةٌ وغُول (وغَوْل) سواء وقال عبيدة : الغَوْلُ أن غتال عقولهم وأنشد قول مطيع بن إياس :
٣٠١
٤١٩٨ - وَمَا زَالَتِ الْكَأسُ تَغْتَالُهُمْ
وَتَذْهَبُ بالأَوَّل فَالأّوَّلِ
جزء : ١٦ رقم الصفحة : ٢٩٧
وقال الليث : الغول الصداع والمعنى لي فيها صدع كما في خمر الدنيا، وقال الواحدي : الغَوْل حقيقته الإهلاك، يقال : غَالَهُ غَوْلاً واغْتَالَهُ أهْلَكَهُ، والغَوْل والغَائلُ المهلك وسُمِّي (وَطْءُ) المرضع غَوْلاً لأنه يؤدي إلى الهلاك، والغوب كلُّ ما اغتالك أي أهلَكك، ومنه الغُولُ بالضم شيء تَوَهَّمَتْهُ العرب ولها فيه أشعار كالعَنْقَاء يقال : غَالِني كذا ومنه الغِيلَة في العقل والرضاع قال : ٤١٩٩ - مَضَى أَوَّلُونَا نَاعِمِينَ بِعَيْشِهِمْ
جَمِعياً وَغَالتُنِي بِمَكَّةَ غُولُ
فالغول اسم لجميع الأذى.
وقال الكلبي : لا فيها إثمٌ وقال قتادة : وَجَعُ البطن وقال أهل المعاني : الغول فساد يلحق أمره في خفية، وخمر الدنيا يحصل فيها أنواع من الفساد منها السُّكْرُ وذَهَابُ العقل ووجع البطن والصُّدَاع والقيءُ والبَوْل ولا يوجد شيء من ذلك من خمر الجنة.
قوله :﴿وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ﴾ قرأ الأخوان " ينزقون " هنا، وفي الواقعة، بضم الياء وكسر الزاي.
وافقهما عاصمٌ على ما في الوقعة فقط.
والباقون بضم الياء وفتح الزاي وابن إسحاق بالفتح والكسر وطلحة بالفتح والضم فالقراءة الأولى من أَنْزَفَ الرَّجُلُ إذَا ذَهَبَ عَقْلُهُ من السكر فهو نَزِيفٌ وَمنزُوفٌ، وكان قياسه مُنِزْفٌ كمُكْرِم، ونَزَفَ الرجلُ الخمْرةَ فَأنْزَفَ هو ثُلاَثيُّهُ متعددٌ ورباعية بالهمزة قاصر وهو نحو : كَبَيْتُهُ فأَكَبَّ وقَشعَت الريحُ السَّحابَ فَأَقْشَعَ أي دخلا في الكَبِّ والقَشْعِ وقال الأسود :
٣٠٢
٤٢٠٠ - لَعْرِي لَئِنْ أَنْزَفْتُم أَوْ صَحَوْتُمُ
لَبْئِسَ النَّدَامَى أَنْتُمْ آلَ أَبْجَرَا
ويقال : أنزف أيضاً أي نَفِذَ شَرَبُهُ.
وأما الثانية فمن نزف أيضاً بالمعنى المتقدم وقيل هو من قولهم : نَزَفتِ الرَّكِيَّةُ أي نَزَحَتْ ماءها.
والمعنى أنهم لا تذهب خمورهم بل هي باقية أبداً، وضمن يَنْزِفُونَ معنى يصدون عنها بسبب النَّزِيفِ.
وأما القراءاتان الأخيرتان فيقال : نَزِف الرجلُ ونَزُفَ بالكسر والضم بمعنى ذهب عقله بالسّكر، ولما ذكر تعالى صفة مشروبهم ذكر عقيبه صفة منكوحهم فقال :" وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ " " قاصرات الطرف " يجوز أن يكون من باب الصّفة المشبهة أي قاصراتٌ أطرافُهن كمُنْطَلِقُ اللّسانِ، وأن يكون من باب إطلاق اسم الفاعل على أصله فعلى الأول المضاف إليه مرفوع المحل وعلى الثاني منصوبه أي قَصَرْنَ أطْرَافَهُنَّ على أزواجهن.
وهو مدح عظيم قال امرؤ القيس : ٤٢٠١ - مِنَ الْقَاصِرَاتِ الطَّرْفِ لَو دَبّ مُحْوِلٌ
مِنَ الذِّرِّ فَوْقَ الإتْبِ مِنْهَا لأَثّرَا
جزء : ١٦ رقم الصفحة : ٢٩٧
ومعنى القصر في اللغة الحبس ومنه قوله تعالى :﴿مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ﴾ [الرحمن : ٧٢] والمعنى أنهن يَحْبسْنَ نظرهُنَّ ولا ينظرن إلى غير أزواجهن، والعِينُ جمع عَيْنَاءَ وهي الواسعة العينين والذَّكَرُ أعْيَنُ قال الزجاج كِبَارُ الأعْين حِسَانُها يقال رَجُلٌ أَعَيْنُ، وامرأة عَيْنَاهُ، ورجالٌ ونِسَاءٌ عِينٌ.
قوله :﴿كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ﴾ والبيضُ جمع بَيْضَة وهو معروف والمراد به هنا بيض
٣٠٣
النَّعَامِ، والمكنون المصون المستور من كَنَنْتُهُ أي جعلته في كِنّ والعرب تشبه المرأة بها في لونها وهو بياض مشوبٌ ببعض صُفرة والعرب تحبه.
قال امرؤ القيس : ٤٢٠٢ - وَبَيْضَةِ خِذْ(رٍ) لاَ يُرَامُ خِبَاؤُهَا
تَمَتَّعْتُ مِنْ لَهْوٍ بِهَا غَيْرَ معجلِ
كَبِكْرِ مُقَانَاةِ البَيَاضِ بصُفْرَةٍ
غَذَاهَا نَمِيرُ الْمَاءِ غَيْرُ المُحَلَّلِ
وقال ذو الرمة : ٤٢٠٣ - بَيْضَاءُ فِي بَرَجٍ صَفْرَاءُ فِي غَنَجٍ
كَأَنَّهَا فِضَّةٌ قَدْ مَسَّها ذَهَبُ