جزء : ١٦ رقم الصفحة : ٣٦٢
ذكر هذا الوجه ابن مالك ؛ وهو متعسف جداً وقد يقدر إضافة " حين " إليها من غير حذف لها كقوله : ٤٢٤٠ - تَذَكَّرَ حُبَّ لَيْلَى لاَتَ حِينَا
..............................
أي حين لات حين.
وأيضاً فكيف يصنع أبو عبيدة بقوله :" وَلاَتَ سَاعَةَ مَنْدَمِ، ولات أوانِ " فإِنه قد وجدت التاء من " لا " دُونَ حِينَ ؟ ! الوجه الثاني من الأوجه السابقة : أنها عالمة عمل " أن " يعني أها نافية للجِنْس فيكون " حِينَ مَنَاصٍ " اسمها، وخبرها مقدر تقديره ولات حِينَ مَنَاصٍ لَهُمْ، كقولك : لاَ غُلاَمَ سَفَرٍ لَكَ.
واسمُها معربٌ لكونه مضافاً.
٣٦٩
الثالث : أنّ بعدها فعلاً مقدّراً ناصباً حلين مناص بعدها أي لات أرى حينَ مناص لهم بمعنى لَسْتُ أرى ذلك، ومثله :" لاَ مَرْحَباً بِهِمْ ولا أهْلاً ولا سَهْلاً " أي لا أتوا مرحباً ولا وَطِئُوا سهلاً ولا لَقُوا أهلاً.
وهذا الوجهان ذهب إليهما الأخفش وهما ضعيفان وليس إضمار الفعل هنا نظير إضماره في قوله : ٤٢٤١ - ألاَ رَجُلاً جَزَاهُ اللَّهُ خَيْراً
............................
لضرورة أن اسمها المفرد النكرة مبني على الفتح فلما رأينا هنا معرباً قدرنا له فعلاً خلافاً للزجَّاج فإنه يجوز تنوينه في الضرورة ويدعي أن فتحته للإِعراب، وإنما حذف التنوين لتخفيف ويَسْتَدِلُّ بالبيت المذكور وقد تقدم تحقيق هذا.
الرابع : أن لات هذه ليست هي ليس فأبدلت السين تاء، وقد أبدل تمنها في مواضع قالواك النَّاتُ يريدون الناسَ ومنه سُتٌّ وأصله سُدْسٌ، وقال : ٤٢٤٢ - يَا قَاتَلَ اللَّهُ بَنِي السَّعْلاَتِ
عَمْرٌو بْنُ يَرْبُوع شِرار النَّاتِ
لَيْسُوا بأخْيَارٍ وَلاَ أَليَاتِ
وقرئ شاذاً :" قل أعوذُ بربِّ النّاتِ " إلى آخرها [الناس : ١ - ٦] يريد شِرار
٣٧٠
الناسِ ولا أكياس فأبدل، ولما أبدل السين تاءً خاف من التباسها بحرف التمني فقلب الياء ألفاً فبقيت تاء " لات " وهو من الاكتفاء بحرف العلة، لأن حرف العلة لا يبدل ألفاً إلاّ بشرطٍ منها أن يتحركَ، وأن ينفتحَ ما قبله فيكون " حين مناص " خبرها والاسم محذوف على ما تقدم والعملُ هنا بحقِّ الأصالةِ لا الفرعيَّةِ.
وقرأ عيسى بن عمر : ولاتِ حينِ مناص بكسر التاء وجر حين.
وهي قارءة مشكلةٌ جداً، زعم الفراء أن لات يجر بها وأنشد :
٤٢٤٣ - وَلَتَنْدمُنَّ وَلاَتَ سَاعَةِ مَنْدَمِ
وأنشد غيره :
٤٢٤٤ - طَلَبُوا صُلحَنَا وَلاَتَ أوان
وقال الزمخشري : ومثله قول أبي زَبيد الطَّائِي :
٤٢٤٥ - طَلَبُوا صُلْحَنَا.............
البيت قال : فإن قلت : ما وجه الجر في أوانٍ " ؟.
قلت : شُبّه بإذْ في قَولِهِ :
٤٢٤٦ - وَأَنْتَ إِذْ صَحِيح
في أنه زمان قطع عنه المضاف إليه وعوض منه التنوين لأن الأصل : وَلاَت أوانَ صلح.
فإن قلت : فما تقول في " حِينَ مَنَاص " والمضاف إليه قائم ؟ قلت : نزل قطع المضاف إليه من " مناص " لأن أصله حين مناصهم منزلة قطعه من " حين " لاتّحاد
٣٧١
المضاف والمضاف إليه وجعل تنوينه عوضاً عن المضاف المحذوف، ثم بين الجهة لكونه مضافاً إلى غير متمكن انتهى.
وخرجها أبو حيان على إضمار " من " والأصل ولات مِنْ حين ماص فحذفت " مِنْ " وبقي عملها نحو قولهم :" عَلَى كَمْ جذع بنيتَ بَيْتكَ " أي مِنْ جذعٍ في أصحِّ القولين وفيه قول آخر : بالإضافة مثل قوله :
٤٢٤٧ - ألاَ رَجُلٍ جَزَاهُ اللَّهُ خَيْراً
أنشده بجرّ رجلٍ أي ألا مِن رجلٍ.
٤٢٤٨ -.....................
وقال أَلاَ لاَ مِنْ سَبِيل إلى هِنْدِ
جزء : ١٦ رقم الصفحة : ٣٦٢
قال : ويكون موضع (من حين مناص) رفعاً على أنه اسم لات بمعنى ليس، كما تقول : لَيْسَ مِنْ رَجُلِ قائماً والخبر محذوف، وهذا على قول سيبويه، (و) على أنه مبتدأ والخبر محذوف على قول الأخفش " ولات أوان " على حذف مضاف يعني أنـ(ـه) حذف المضاف وبقي المضاف إليه مجرواً على ما كان والأصل ولات حين أوان.
وقدر هذا الوجه مكي بأنه كان ينبغي أن يقوم المضاف إليه مُقَامه في الإِعراب فيرفع.
٣٧٢
قال شهاب الدين : قد جاء بقاءُ المضاف إليه على جرِّه وهو قسمان قليلٌ وكثيرٌ : فالكثير أن يكون في اللفظ مثل المضاف نحو قوله : ٤٢٤٩ - أَكُلَّ امْرِىءٍ تَحْسَبِينَ امْرَءًا
وَنَارٍ تَوَقَّدُ بِاللَّيْلِ نَارَا