والضم لغة تميم قال الواحدي : الفَوَاق والفُواق اسمان من الإفاقة والإفاقة معناها الرجوع والسكون كما في إفاقة المريض إلا أن الفَوَاق بالفتح يجوز أن يُقَام المصدر، والفُواق بالضم اسم لذلك الزمان، الذي يعوج فيه اللبن، وروي الواحدي في البسيط عن أبي هريرة عن النبي - ﷺ - أنه قال في هذه الآية : يأمر الله تعالى إسرافيل فينفخ نفخة الفزع قال : فَيمدّها ويطولها وهي التي يقول ما لها من فواق، ثم قال الواحدي : وهذا يحتمل معنيين : أحدهما : ما لها من سكون.
الثاني : ما لها من رجوع والمعنى ما تسكن تلك الصيحة ولا ترجع إلى السكون ويقال لكل من بقي على حالة واحدة بأنه لايُفيقُ منه ولاَ يَسْتَفيقُ.
قوله :﴿قِطَّنَا﴾ أن نَصِيبَنَا وحَظَّنَا، وأصله من قَطَّ الشيءَ أي قَطَعَهُ، ومنه قَطّ القلم والمعنى قطعه مما وعدتنا به ولهذا يطلق على الصحيفة والصك قِطّ، لأنهما قطعتان يقطعان، ويقال للجائزة أيضاً قِطّ لأنها قطعة من العطية، قال الأعشى : ٤٢٥٩ - وَلاَ الْمَلِكُ النُّعْمَان يَوْمَ لَفِيتُهُ
بِغِبْطِتِهِ يُعْطِي القُطُوطَ وَيَأفِقُ
جزء : ١٦ رقم الصفحة : ٣٨٢
وأكثري استعماله في الكتاب، قال أمية بن أبي الصّلت : ٤٢٦٠ - قَوْمٌ لَهُمْ سَاحَةُ أَرْضِ العِرَاقِ وَمَا
يَجْبِى إَليْهِمْ بِهَا وَالقِطُّ وَالْقَلَم
٣٨٧
ويجمع على قُطُوط كما تقدم، وعلى قِطَطَةٍ نحو : قِرْد وقِرَدَةٍ وقُرُود، وفي القلة على أَقِطَّةٍ وأَقْطَاطٍ كقِدْح وأَقْدِحَةٍ وأَقْدَاحٍ، إلا أن أفْعِلَةً في فِعْلٍ شاذ.
فصل قال سعيد بن جبير عن ابن عباس عين كتابنا.
والقِطّ : الصحيفة أحصت كل شيء، قال الكلبي : لما نزل قوله في الحاقة :﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ﴾﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ﴾ [الحاقة : ١٩ - ٢٥] قالوا استهزاء : عجل لنا كتابنا في الدنيا قل يوم الحساب، وقال سعيد بن جبير : يعنون حظنا ونصيبنا من الجنة التي تقول.
وقال الحسن وقتادة ومجاهد والسدي : عين عقوبتنا ونصيبنا من العذاب قال عطاء : قاله النَّضْر بن الحَرث وهو قوله :﴿وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَآءِ﴾ [الأنفال : ٣٢] وعن مجاهد قطنا : حسابنا يقال للكتاب قط.
قال أبو عبيدة والكسائي : القط الكتابة بالجوائز واعلم أن القوم تعجبوا من أمور ثلاثة، أولها : من أمر النبوات وإثباتها فقال : وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ، فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ".
وثانيها : تعجبهم من الإليهات فقالوا : أَجَعَلَ الآلهةَ إلهاً وَاحِداً.
وثالثها : تعجبهم من المعاد والحشر والنشر فقالوا :﴿رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ﴾ قالوا ذلك استهزاء فأمره الله تعالى بالصبر على سسفاهتهم فقال :﴿اصْبِر عَلَى مَا يَقُولُونَ﴾.
فإن قيل : أي تعلق بين قوله :﴿اصْبِر عَلَى مَا يَقُولُونَ﴾ وبين قوله ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ﴾ ؟ فالجواب : هذا التعلق من وجوه : الأول : كأنه قيل : إن كنت شاهدت من هؤلاء الجُهّال جَرَاءتَهم على الله وإنكارَهم الحَشْرَ والنشرَ فاذكر قصة داود حتى تعرف شدة خوفه من الله تعالى ومن يوم الحشر فإن بقَدْرِ ما يَزْدَادُ أحدُ الضِّدين شرفاً يزاد (الضّدّ) الآخ نقصاناً.
الثاني : كأنه قيل لمحمد - ﷺ - (لا) تضيق صدرك بسبب إنكارهم لقولك ودينك فإنهم وإن خالفوك فالأكابر من الأنبياء وافقوك.
٣٨٨