قوله :﴿فِيهِ شُرَكَآءُ﴾ يجوز أن يكون هذا جملة من مبتدأ وخبر في محل نصب صفة " لِرَجُلٍ " ويجوز أن يكون الوصف الجار وحده، و " شُرَكَاءُ " فاعل به، وهو أولى لقربه من المُفْرد، و " مُتَشَاكِسُونَ " صفة " لشُركَاءُ " والتَّشاكُسُ) والتَّشَاكُسُ) والتَّشَاخُسُ - بالخاء - موضع الكاف، وقد تقدم الكلام على نصب المَثَل وما بعده الواقعين بعد ضَرَبَ.
وقال الكسائي : انتصب " رجلاً " على إسقاط الجار، أي لِرَجُلِ أو في رَجُل، والمُتَشَاكِسون المختلفون العَسِرُون، يقال : شَكُسَ يَشْكُسُ شُكُوساً وشَكْساً إذا عسرن وهو رجلٌ شَكِس أي عِسِر وشَاكَس إذا تَعَاسَر قال الليث : التَّشَاكُسُ التضاد والاختلاف ويقال : الليل والنهار يَتَشاكسان أي يتضادان إذا جاء أحدهما ذهب الآخر وقوله " فيه " صلة " لشركاء " كما تقول اشتركوا فيه أي في رِقِّةِ، (قال شهاب الين : وقال أَبُوا البقاء كلاماً لايشبه أن يصدر من مثله بل ولا أقل منه قال :" وَفِيهِ شُرَكَاءُ " ) الجملة صفة " لِرَجُل " و " فيه " متعلق بمُتَشَاكِسُونَ، وفيه دلالة على جواز تقديم خبر المبتدأ عليه انتهى أما هذا فلا أشك أنه سهو لأنه من حيث جعله جملة كيف يقول بعد ذلك : إن " فيه " يتعلق " بمُتَشَاكِسُونَ ".
وقد يقال : أراد من حيث المعنى وهو بعدي جداً، ثم قوله :" وفيه دلالة " إلى آخره يناقضه أيضاً معمول الخبر على المبتدأ بناءً منه على أن " فِيهِ " يتعلق بمُتَشَاكِسُونَ، ولكنه فاسد، والفاسدُ لا يُرام صَلاَحُهُ.
٥٠٨
قوله :﴿سَلَماً لِّرَجُلٍ﴾ قرأ ابن كثير وأبو عمرو سَالِماً بالألف وكسر اللام، والباقون سَلَماً بفتح السين واللام وابن جبير بكسر السين وسكون اللام، (قال ابن الخطيب : ويقال أيضاً : بفتح السين وسكون اللام)، فالقراءة الأولى اسم فاعل من سلم له كذا فهو سالم والقراءتان الأخيرتان سِلْماً فهما مصدران وصف بهما على سبل المبالغة أو على حذف مضاف، أوعلى وقوعهما موقع اسم الفاعل فيعود كالقراءة الأولى وقرئ :" وَرَجُلٌ سَالِمٌ " برفعهما وفيه وجهان : أحدهما : أن يكون مبتدأ والخبر محذوف تقديره وهناك رجلٌ لرجلٍٍ، كذا قدره الزمخشيريُّ.
الثاني : أنه مبتدأ، و " سالم " خبره، وجاز الابتداء بالنكرة لأنه موضع تفصيل كقول أمرئ القيس : ٤٢٩٩ - إذَا مَا بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْصَرَفَتْ لَهُ
بِشِقٍّ وَشِقٌّ عِنْدَنَا لَمْ يُحَوَّلِ
جزء : ١٦ رقم الصفحة : ٥٠٦
وقولهم :" النَّاسُ رَجُلاَنِ رَجُلٌ أَكْرَمْتُ وَرَجُلٌ أَهَنْتُ ".
قوله :﴿مَثَلاً﴾ منصوب على التمييز المنقول من الفاعلية إذ الأصل : هل يستوي مِثْلُهُمَا، وأفرد التمييزُ لأنه مقتصر عليه أولاً في قوله :﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً﴾ وقرئ " مَثَلَيْنِ " فطابق حَالَ الرجلين.
وقال الزمخشري فيمن قرأ مَثَلَيْنِ : إنّ الضمير في " يَسْتَوِيَانِ " " للمثلين " لأن التقدير : مَثَلَ رَجُلٍ ومَثَلَ رَجُلٍ، والمعنى هل يستويان فيما يرجع إلى الوصيفة كما تقول : كَفَى بِهِما رَجُلَيْن قال أبو حيان : والظاهر أنه يَعُودُ
٥٠٩


الصفحة التالية
Icon