قوله :" يَنْصُرُونَهُمْ " صفة " لأولياء "، فيجوز أن يحكم على موضعها بالجرِّ اعتباراً بلفظ موصوفها وبالرفع اعتباراً بمحلة، فإنه اسم لكان.
وقوله :" مِنْ سَبِيلٍ " إما فاعل وإما مبتدأ، والمعنى فما له من سبيل إلى الحق في الدنيا والجنة في العُقْبَى وقد أفسد عليهم طريق الخير.
قوله :﴿وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا ااْ﴾ يجوز أن يكون ماضياً على حقيقته، ويكون " يَوْمَ القِيَامَةِ " معمولاً " لخَسِرُوا " ويجوز أن يكون بمعنى يقول فيكون يوم القيامة معمولاً له.
قله تعالى :﴿اسْتَجِيبُواْ لِرَبِّكُمْ...
﴾ الآيات.
لما ذكر الوعد والوعيد ذكر بعده ما هو المقصود، فقال :﴿اسْتَجِيبُواْ لِرَبِّكُمْ﴾ أي أجيبوا داعي (ربكم) يعني محمداً ﷺ ﴿مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ﴾ أي لا يقدر أحدٌ على دفعه.
قوله :" مِنَ اللهِ " يجوز تعلقه بيأتي أي يأتي من الله يومٌ لا مرد له، وأن يتعلق بمحذوف يدل عليه " لاَ مَرَدَّ لَهُ " أي لا يرد ذلك اليوم ما حكم الله به فيه.
وجوز الزمخشري أن يتعلق " بِلاَ مَرَدَّ "، ورده أبو حيان : بأنه يكون معمولاً وكان ينبغي أن يعرب فينصب منوناً.
واختلفوا في المراد بذلك اليوم، فقيل : هو ورود الموت.
وقيل : يوم القيامة، قال ابن الخطيب : ويحتمل أن يكون معنى قوله : لا مرد له " أي لا يقبل التقديم ولا التأخير، وأن يكون معناه أنه لا مرد فيه إلى حال التكليف حتى يحصل فيه التلاقي.
ثم وصف اليوم فقال فيه :﴿مَا لَكُمْ مِّن مَّلْجَأٍ﴾ تلجأون إليه يقع به المخلص من العذاب ﴿وَمَا لَكُمْ مِّن نَّكِيرٍ﴾ ينكر تغير ما بكم.
ويجوز أن يكون المراد من النكير الإنكار، أي لا تقدرون أن تنكروا شيئاً مما اقترفتموه من الأعمال.
قوله :" فَإنْ أَعْرَضُوا " عن الاستجابة ولم يقبلوا هذا الأمر ﴿فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً﴾ بأن تحفظ أعمالهم وتُحْصِيهَا ﴿إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاَغُ﴾ أي ما عليك إلا البلاغ، وذلك تسلية من الله تعالى له.
، ثم بين السبب في إصرارهم على الكفر فقال :﴿وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقْنَا
٢١٧
الإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً﴾ قال ابن عباس ـ (رضي الله عنهما) ـ يعني الغنى والصحة " فرح بها ".
واعلم أن نعم الله وإن كانت في الدنيا عظيمة إلا أنها بالنسبة إلى سعادات الآخرة كالقطرة بالنسبة إلى البحر، فلذلك سميت ذوقاً.
فبين (الله) تعالى أن الإنسان إذا حصل له هذا القدر الحقير في الدنيا فرح به وعظم غروره، ووقع في العجب والكبر، ويظن أنه فاز بكل المنى، ووصل إلى أقصى السعادات، وهذه طريقة من ضعف اعتقاده في سعادات الآخرة.
ثم إنه تعالى بين أنه متى أصابهم سيئة أي شيء يسوءهم في الحال كالمرض والفقر والقحط وغيرها فإنه يظهر الكفر وهو (معنى) قوله :﴿فَإِنَّ الإِنسَانَ كَفُورٌ﴾، والكفور : هو المبالغ في الكفران والمراد بقوله : كفور أي لما تقدم من نعمة الله عليه ينسى ويجحد باول شدة جميع ما سلف من النِّعم.
وقوله : فإنَّ الإنسان من وقوع الظاهر موقع المضمر أي فإنه كفور.
وقدر أبو البقاء : ضميراً محذوفاً فقال فإن الإنسان (منهم) ولما ذكر إذاقة الإنسان الرحمة وإصابته بعدها اتبع ذلك بقوله :﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ له التصرف فيهما بما يريد والمقصود منه أن لا يغتر الإنسان بما ملكه من المال والجاه بل إذا علم أن الكل ملك لله وملكه وإنما حصل له القدر إنعاماً من الله عليه فيصير ذلك حاملاً له على مزيد من الطاعة.
ثم ذكر من أقسام تصرف الله تعالى في العالم أنه يخص البعض بالأولاد و الإناث والبعض بالذكور والبعض بهما، والبعض بأن يجعله محروماً من الكل وهو المراد بقوله :﴿وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً﴾.
قوله :﴿ذُكْرَاناً وَإِنَاثا﴾ حال وهي حال لازمة ؟ وسوغ مجيئها كذلك أنها بعد ما يجوز أن يكون الأمر على خلافه، لأن معنى يزوجهم يقرنهم.
قال الزمخشري : فإن قلت : لم قدم الإناث على الذكور مع تقديمهم عليهن ثم رجع فقدمهم ؟ ! ولم عرف الذكور بعدما نكَّر الإناث ؟ !.
قلت : لأنه ذكر البلاء في آخر الآية الأولى، وكفران الإنسان بنسيانه الرحمة السابقة عنه، ثم عقبه بذكر ملكه ومشيئته وذكر قسمة الأولاد فقد الإناث ؛ لأن سياق الكلام أنه فاعل ما يشاؤه لا ما يشاؤ(ه)
٢١٨