أي ذو دين.
وقرأ مجاهدٌ وقتادةٌ وعمرُ بنُ العَزِيزِ بالسكر.
قال الجوهري :(هي الطريقة الحسنة لغة في أمُمَّةٍ بالضم قال الزمخشري) : كلتاهما من الأَمِّ وهو القصد، والأُمَّة الطريقة التي تؤم كالرحلة للمرحول إليه، والإمّة الحالة (التي) يكون عليها الآمّ وهو القاصد.
وقرأ ابن عباص بالفتح وهي المرة من الأم، والمراد بها القصد والحال.

فصل المراد بالمترفين الأغنياء والرؤساء.


والمُتْرَفُ هو الذي آثر النعمة، فلا يحب إلا الشهوات والملاهي ويبغض المشاق في طلب الحق.
وإذا عرف ذلك علمنا أن رأس جميع الآفات حب الدنيا واللذات الجسمانية ورأس جميع الخيرات هو حب الله تعالى، والدار الآخرة، ولهذا قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ " حُبُّ الدُّنْيَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَة ".
جزء : ١٧ رقم الصفحة : ٢٤٠
قوله :﴿قُلْ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَآءَكُمْ قَالُوا ااْ إِنَّا بِمَآ...
الآية.
قرأ ابنُ عام وحفصٌ قَالَ ماضياً مكان " قُلْ " أمراً، أي قال النذير أو الرسول وهو النبي صلى الله عليه وسلم.
والإمر في " قل " يجوز أن يكون للنذير، أو الرسول وهو الظاهر.
وقرأ أبو جعفر وشَيْبَةُ : جِئْنَاكُمء بنون المتكلمين " بأَهْدَى " أي بدين أصْوَبَ ﴿مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَآءَكُمْ﴾ وإن جئتكم بأهدى منه فعند هذا حكى الله عنهم أنهم قالوا : إنا لا ننفك عن دين آبائنا وإن جئتنا بما هو أهدى ﴿إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ وإن كان أهدى مما كنا عليه فعند هذا لم يبق لهم عذر، لهذا قال تعالى :﴿فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ ةوهذا تهديد للكفار،
جزء : ١٧ رقم الصفحة : ٢٤٨
قوله تعالى :﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَآءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ﴾ لما بين في الآية المتقدمة أنه ليس لأولئك الكفار حجة إلا تقليد الآباء، ثم بين أنه طريق باطل، وإن الرجوع إلى الدليل أولى من التقليد أردفه بهذه الآية، وهو وجه آخر يدل على فساد التقليد من وجهين : الأول : أنه تعالى حكى عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه تبرأ من دين آبائه بناء على الدليل وذلك أن تقليد الآباء في الأديان إما أن يكون محرماً أو جائزاً.
فإن كان محرماً فقد بطل القول بالتقليد، وإن كان جائزاً فمعلوم أن أشرف آباء العرب هو إبراهيم عليه الصلاة والسلام لأنهم لا يشرفو(ن) ولا يتخفرو(ن) إلا بكونهم من أولاده.
وإذا كان كذلك فتقليد هذا الأب الذي هو أشرف الآباء أولى من تقليد سائر الآباء.
وإذا ثبت أن تقليده أولى من تقليد غيره فنقول : إنه ترك دين الآباء وحكم بأن اتباع الدليل أولى من متابعة الآباء، فوجب تقليده في ترجيح الدليل على التقليد.
الوجه الثاني : أنه تعالى بين أن إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ لما عدل عن طريقة
٢٥٠
أبيه إلى متابعة الدليل لا جَرَم جعل الله دينَ ومذهَبه باقياً في عَقِبِهِ إلى يوم القيامة، وأما أديان آبائه فقد اندرست وبَطُلَتْ.
فثبت أن الرجوع إلى متابعة الدليل يبقى محمود الأثر إلى قيام الساعة، وأن التقليدَ ينقطع أثره.
قوله :" بَرَاءُ : العامة على فتح الباء، وألف وهمزة بعد الراء وهو مصدر في الأصل وقع موقع الصفة وهي بَريءٌ، وبها قرأ الأعمش.
ولا يثنى " بَرَاءٌ " ولا يجمعُ، ولا يؤنثُ، كالمصادر في الغالب.
قال الزمخشري والفراء والمبرد : لا يقولون البَرَاءَانِ، ولا البَرَاءُونَ ؛ لأن المعنى ذَوَا البَرَاءَ(ةِ) وذَوُو البراءة.
فإن قلت : منك ثنيت وجمعت.
وقرأ الزعفرانيُّ وابنُ المبارك عن نافع ـ بضم الباء، بزنة طُوال وكُرام، يقال : طَوِيلٌ وطُوالٌ، وبَرِيءٌ، وبُرَاء.
وقرأ الأعمش بنون واحدة.
قوله :﴿إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي﴾ فيه أربعةُ أوجهِ : أحدها : أنه استثناء منقطع، لأنهم كانوا عَبَدَةَ أصنامٍ فقط.
الثاني : أنه متصل ؛ لأنه روي أنهم كانوا يشركون مع الباري غيره.
٢٥١


الصفحة التالية
Icon