محذوفاً، والجواب كما تقدم.
ذكره الزمخشري أيضاً.
واختاره القراءة بالنصب جماعة.
قال النحاس : القراءة البينة بالنصب من جهتين : أحدهما : أن التفرقة بين المنصوب، وما عطف عليه مُغْتَفَرةٌ، بخلافها بين المخفوض وما عطف عليه.
والثانية : تفسير أهل التأويل بمعنى النصب.
كأنه يريد ما قال أبو عبيدة قال : إنما هي في التفسير أم يحسبون أنا لا نسمع وسرهم ونجواهم ولا نسمع قيله يا رب.
ولم يرتض الزمخشري من الأوجه المتقدمة شيئاً.
وإنما اختار أن يكون قَسَماً في القراءات الثلاث.
وتقدم تحقيقها.
وقرأ أبو قِلاَبَةَ : يا ربِّ بفتح الباء، على قلب الياء ألفاً، ثم حذفهنا مجتزئاً عنها بالفتحة كقوله : ٤٤٣٣ـ.......................
بِلَهْفَ وَلاَ بِلَيْتَ.................
جزء : ١٧ رقم الصفحة : ٢٩٦
والأخفش يَطْردُها.
قال ابن الخطيب ـ بعد أن حكى قول الزمخشري ـ : وأقول : الذي ذكره الزمخشري متكلفٌ أيضاً وها هنا إضمار، امتلاأ القرآن منه، وهو إضمار اذكر، والتقدير في قراءة النصب : واذكر قيله يا رب، وفي قراءة الجر : واذكر وَقْتَ قِيلِهِ يا رب، وإذا وَجَبَ التزامُ إضمار ما جرت العادة في القرآن بالتزامه، فالتزام إضماره أولى من غيره.
وعن ابن عباس ـ (رضي الله عنهما) ـ أ، ه قال في تفسير قوله :" وَقِيلِهِ يَا رَبِّ " المراد : وقيل يا ربِّ.
الهاء زائدة.
٣٠٤
فصل القيلُ مَصْدَرٌ، كالقَوْلِ، ومنه الحديث :" أنه نَهَى عن قِيلَ وقَالَ " وحكى اللَّيْثُ عن العرب تقولُ : كَثُر فيه القِيلُ والقَالُ.
وروى شَمِرٌ عن أب زيد ياقل : ما أحسْنَ قِيلُكَ، وقَوْلُكَ، ومَقَالتُكَ، ومَقَالُكَ.
والضمير في " وَقِيلِهِ " لرسول الله ـ ﷺ ـ والمعنى يعلم قَوْلَ محمدٍ ـ ﷺ ـ شاكياً إلى ربه، يا ربِّ إن هؤلاء قومٌ لا يؤمنون لما عرف إصرارهم، وهذا قريب مما حكى الله عن نوح ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه قال :﴿رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُواْ مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَاراً﴾ [نوح : ٢١] ثم قال :" فَاصْفَحُ عَنْهُمْ " أي أعْرِضْ عنهم، " وَقُلْ سَلاَمٌ " قال سيبويه : معناه المتاركة كقوله تعالى :﴿سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾ [القصص : ٥٥] ثم قال :" فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ " والمراد به التهديد.
قوله :" فَسَوْفَ يَعْلَمُون " قرأ نافعٌ وابن عامر بتاء الخطاب التفاتاً، والباقون بياء الغيبة نظراً لِمَا تَقَدَّم.
فصل قال ابن عباس ـ (رضي الله عنهما ـ) قوله :﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ﴾ منسوخ (بآية) السَّيْفِ.
قال ابن الخطيب : وعندي التزام النسخ في مثل هذه المواضع مشكل ؛ لأن الأمر لا يفيد الفعل إلا مرة واحدة فسقطت دلالة اللفظ، فَأَيُّ حاجة إلى التزا النسخ، وأيضاَ فاللفظ المطلق قد يقيَّد بحسب العُرْف، وإذا كان كذلك، فلا حاجة فيه إلى التزام النسخ.
والله أعلم بالصواب.
روى أبو أمامةَ عن أُبَيِّ بنِ كعب ـ (رضي الله عنهم ـ) قال : قال رسول الله ﷺ :" مَنْ قَرَأَ سُورة الزُّخْرُفِ كَانض مِمَّن كَانَ يُقَالُ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ :" يَا عِبَادِي لاَ خَوفٌ عَلَيْكُمْ اليَوْمَ ولا أَنَتُمْ تحزنونَ " ادْخُلُوا الجَنَّةَ بِغَيْر حِسَابٍ " (انتهى).
٣٠٥
جزء : ١٧ رقم الصفحة : ٢٩٦


الصفحة التالية
Icon