مُفْسِداً أَوْ هرَماً مُفَنِّداً، ـ أَوْ مَوْتَا مُجْهِزاً أو الدَّجَّال، والدَّجَّال شَرٌّ غَائِبٍ يَنْتَظِرُ أو السَّاعَةُ، والسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ " وسميت القيامة بالساعة لسرعة الأمور الواقعة فيها من البعث والحشر والحساب.
قوله :﴿أَن تَأْتِيَهُمْ﴾ بدل من الساعة بدل اشتمال.
وقرأ أبو جعفر الرؤاسيّ : إنْ تَأتِيهِمْ بإنِ الشّرطية وجز ما بعدها.
وفي جوابها وجهان : أحدهما : أنه قوله :﴿فَأَنَّى لَهُمْ﴾ قال الزمخشري.
ثم قال : فإن قلتَ : بم يتصل قوله :﴿فَقَدْ جَآءَ أَشْرَاطُهَا﴾ على القراءتين ؟ قتلُ : بإتيان الساعة اتصال العلة بالمعلول كقولك : إنْ أَكْرَمَنِي زَيْدٌ فَأَنَا حَقِيقٌ بالإكْرَامِ أكْرِمهُ.
والثاني : أن الجواب قوله :﴿فَقَدْ جَآءَ أَشْرَاطُهَا﴾ وإتيان الساعة وإن كان متحقّقاً إلا أنهم عُومِلُوا معاملةَ الشَّاكِّ وحالهم كانت كذا.
قوله :﴿فَقَدْ جَآءَ أَشْرَاطُهَا﴾ الأَشْراط جمع شَرْطٍ ـ بسكون الراء وفتحها ـ قال أبو الأسود : ٤٤٧٢ـ فَإنْ كُنْتِ قَدْ أَزْمَعْتِ باِالصَّرْمِ بَيْنَنَا
فَقَدْ جَعَلْتِ أَشْرَاط أَوَّلِهِ تَبْدُو
والأشراط العلامات.
ومنه أشراط الساعة.
وأَشْرَطَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ أي ألْزَمَهَا أموراً.
قال أوس : ٤٤٧٣ـ فَأَشْرطَ فِيهَا نَفْسَهُ وَهُوَ مُعْصِمٌ
فَأَلْقَى بأَسْبَاب لَهُ وَتَوَكَّلاَ
جزء : ١٧ رقم الصفحة : ٤٤٧
والشرط القطع أيضاً مصدر شرط الجلد يَشْرُطُهُ شَرْطاً.
٤٤٨
فصل قال سهل بن سعد :" رأيت النبي ـ ﷺ ـ قال بإصبعه هكذا بالوْسْطَى والتي تلي الإبهام : بُعِثْتُ وَالسَّاعَة كَهَاتَيْنْ " وقال ـ عليه الصلاة السلام ـ :" إنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أن يُرْفَعَ العِلْمُ وَيكْثُرَ الجَهْلُ ويَكْثُرَ الرِّبَا، ويَكْثُرَ شُرْبُ الْخَمْرِ، ويَقِلَّ الرِّجَالُ، وتَكْثُرَ النِّسَاءُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امرأة القيمُ الواحِدُ " وقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ :" إذَا ضُيِّعَتِ الأَمانَةُ فَانْتَظِر السَّاعَةَ فقيل : كَيْفَ إضَاعَتُهَا ؟ قَالَ : إذا وُسِّدَ الأَمْرُ إلى غَيْرِ أَهْلِهِ، فَانْتَظِر السَّاعَة " واعلم أن قوله تعالى :﴿فَقَدْ جَآءَ أَشْرَاطُهَا﴾ يحتمل وجهين : أحدهما : أن يكون بياناً لغاية عِنَادِهِمْ.
ويحتمل أن يكون تسليةً لقلب المؤمنين كأنه تعالى لما قال :﴿فهل ينظرون إلا الساعة﴾، فهم منه تعذيبهم، قال المفسرون : أشراط الساعةمثل انشقاق القمر، ورسالة محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ.
قوله :﴿فَأَنَّى لَهُمْ﴾ " أَنَّى " خبرٌ مقدم، و " ذِكْرَاهُم " مبتدأ مؤخر، أي أَنَّى لهم التذكير.
وإذَا وما بعدها معترض.
وجوابها محذوف أي كيف لهم التذكير إذا جاءتهم الساعة ؟ فكيف تتذكرون ؟ ويجوز أن يكون المبتدأ محذوفاً أي أنَّى لهم الخلاص ؟ ويكون " ذِكْرَاهُمْ " فاعلاً بـ " جَاءَتْهُمْ ".
وقرأ أبو عمرو ـ في رواية ـ " بَغَتَّةً " بفتح الغين وتشديد التاء.
وهي صفة فنصبها على الحال، ولا نظير لها في الصفات ولا في المصادر، وإنما هي في الأسماء نحو : الجَرَبَّة ـ للجماعة ـ والشَّرَبَّة للمكان.
قال الزمخشري : وما أخوفني أن تكون غلطة من الراوي على أبي عمرو، وأن يكون الصواب : بَغَتَةً بفتح الغين من غير تشديدٍ.
فصل معنى الآية فمن أين لهم التَّذَكُّر والاتِّعاظ والتوبة إذا جاءتهم ذكراهم أي السّاعة نظيره :﴿يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ﴾ [الفجر : ٢٣].
قوله :﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـاهَ إِلأ اللَّهُ﴾ وجه مناسبته لما قبله هو أنه تعالى لما قال فاعلم أنه لا
٤٤٩


الصفحة التالية
Icon