الياء وضم الزاي وهو أيضاً وجعفر بن محمد كذلك إلا أنهما كسرا الزاي.
وابن عباس واليماني ويُعَزِّزُوهُ كالعامَّة إلا أنه بزايَين من العِزَّة.
فإن قيل : ما الحكمة في قوله في الأحزاب :﴿إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً﴾ [الأحزاب : ٤٥ـ٤٦] وههنا اقتصر على الثلاثة الأول ؟.
فالجواب من وجهين : أحدهما : أن ذلك المقام كان مقام ذكر، لأن أكثر السورة ذكر الرسول وأحواله وما تقدمه من المبايعة و الوعد بالدخول ففصل هناك ولم يفصل هنا.
وثانيهما : أن قوله :" شاهداً " لما لم يقتض أن يكون داعياً لجواز أن يقول مع نفسه أشهد أن لا إله إلا الله ولا يدعو الناس قال هناك :" وَدَاعِياً " كذلك ههنا لما لم يكن كونه شاهداً ينبىء عن كونه داعياً قال : ليؤمنوا بالله ويعزروه ويوقروهُ.
وقوله :" بكرة وأصيلاً " يحتمل أن يكون إشارة إلى المداومة، ويحتمل أن يكون لمخالفة عمل المشركين، فإنهم كانوا يعبدون الأصنام في الكعبة بكرة وعشيَّةً، فأمر الله بالتسبيح في أوقات ذكرهم الفَحْشَاء والمُنْكَر.
قوله تعالى :﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ﴾ يا محمَّدُ بالحديبية على أن لا يفروا ﴿إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ﴾ لأنهم باعوا أنفسهم من الله تعالى بالجنة، روى يزيدُ بن (أبي) عبيد قال : قلت لسلمةَ بْنِ الأكوع : على أيِّ شيء بايعتم رسولَ الله ـ ﷺ ـ يوم الحديبية ؟ قال : على الموت.
قوله :﴿إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ﴾ خبر " إنَّ الَّذِينَ " و ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ جملة حالية، أو خبر ثان وهو ترشيح للمجاز في مبايعة الله.
وقرأ تمام بن العباس : يبايعون للهِ، والمفعول محذوف أي إنما يبايعونَكَ لأجل الله.
٤٨٧
قوله :﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ لما بين أنه مرسل ذكر أن من بايعهُ فقد بايع الحقّ.
وقوله :﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ يحتمل وجوهاً، وذلك أن اليد في الموضعين إما أن تكون بمعنًى واحدٍ، وإما أن تكومن بمعنيين فإن كانا بمعنى واحد ففيه وجهان : أحدهما : قال الكلبي : نعمة الله عليه في الهداية فوق ما صنعوا من البيعة كما قال تعالى :﴿بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَانِ﴾ [الحجرات : ١٧].
وثانيهما : قال ابن عباس ومجاهد : يد الله بالوفاء بما عاهدهم من النصر والخير وأقوى وأعلى من نصرتهم إياه، ويقال : اليدُ لفلانٍ أي الغلبة والقوة.
وإن كانا بمعنيين ففي حق الله بمعنى الحفظ، وفي حق المبايعين بمعنى الجارحة قال السدي : كانوا يأخذون بيد رسول ـ ﷺ ـ ويبايعونه ويد الله فوق أيديهم في المبايعة، وذلك أن المتبايعين إذا مد أحدهما يده إلى الآخر في البيع، وبينهما ثالث فيضع يده على يديهما ويحفظ أيديهما إلى أن يتم العقد ولا يترك أحدهما بترك يد الآخر لكي يلزم العقد ولا يتفاسخان فصار وضع اليد فوق الأيدي سببابً لحفظ البيعة، فقال تعالى :﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ يحفظهم على البيعة كما يحفظ المتوسط أيدي المتبايعين.
قوله :" فَمَنْ نَكَثَ " أي نقص البيعةَ ﴿فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ﴾ أي عليه و ما له ﴿وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ اللَّهَ﴾ أي ثبت على البيعة ﴿فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً﴾ قرأ أهل العراق فسيُؤتيه بالياء من تحت، وقرأ الآخرون بالنون.
والمراد بالأجر العظيم الجنة.
وتقدم الكلام في معنى الأجر العظيم.
جزء : ١٧ رقم الصفحة : ٤٨٦


الصفحة التالية
Icon