سورة ق
مكية، وهي خمس وأربعون آية، وثلاثمائة وسبع وخمسون كلمة، وألف وأربعمائة وأربعة وتسعون حرفا.
جزء : ١٧ رقم الصفحة : ٥٦٤
قوله تعالى :﴿قا﴾ قال ابن عباس - (رضي الله عنهما) - هو قَسَمٌ.
وقيل : اسم السورة.
وقيل اسم من أسماء القرآن.
وقال القرطبي : هو مفتاح اسمه قدير، وقادر، وقاهر وقريب وقابض.
وقال عكرمة والضحاك : هو جبل محيط بالأرض من زُمُرَّدَةٍ خَضْراءَ ومنه : خُضْرَةُ السماء.
والسماء مَقْبِيَّةٌ عليه، وعليه كتفاها ويقال : هو وراء الحجاب الذي تغيب الشمس من ورائه بمسيرة سنةٍ.
وقيل : معناه قضِي الأمر وقضي ما هو كائن، كما قالوا في حم (حم الأمر)، وفي ص : صدق الله، وقيل هو اسم فاعل من قَفَا يَقْفُوهُ.

فصل قال ابن الخطيب، لما حكى القول بأن " ق " اسم جبل محيط بالأرض عليه أطواق


السماء قال : وهذا ضعيف لوجوه : أحدها : أن أكثر القراء يقف عليها، ولو كان اسم جبل لما جاز الوقف في الإدراج لأنَّ من قال ذلك قال بأن الله تعالى أقسم به.
وثانيها : لو كان كذلك لذكر بحرف القسم كقوله تعالى :﴿وَالطُّورِ﴾ [الطور : ١]، ونحوه ؛ لأن حرف القسم يحذف حيث يكون المقسم به مستحقاً لأنْ يُقْسَمَ بِهِ، كقولنا :" اللَّه لأَفْعَلَنَّ كَذَا " فاستحقاقه له يغني عن الدلالة عليه باللفظ ولا يحسن أن يقال : زَيْد لأَفْعَلَنَّ كَذَا.
ثالثها : أنه لو كان كما ذكر لكان يكتب قاف مع الألف والفاء كما يكتب :﴿عَيْنٌ جَارِيَةٌ﴾ [الغاشية : ١٢]، ويكتب ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ [الزمر : ٣٦] وفي جميع المصاحف يكتب حرف " ق ".
رابعها : أن الظاهر كون الأمر فيه كالأمر في " ص " و " ن " و " حم " وهي حروف لا كلمات فكذلك في " ق ".
فإن قيل : هو منقول عن ابن عباس - (رضي الله عنهما) -.
نقول : المنقول عنه : أن قاف اسم جبل، وأما أن المراد ههنا ذلك فَلاَ.
فصل قال ابن الخطيب : هذه السورة وسورة ص يشتركان في افتتاح أولهما بالحرف المعجم والقسم بالقرآن بعده وقوله بعد القسم : بل والتعجب.
ويشتركان أيضاً في أن أول السورتين وآخرهما متناسبات لأنّه تعالى قال في أول السورة :﴿صا وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾ [ص : ١] وفي آخرها :﴿إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ﴾ [ص : ٨٧] وقال في أولِ ق :" وَالقُرْآنِ المَجِيدِ "، وقال في آخرها :﴿فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ﴾ [ق : ٤٥]، فافتتح بما اختتم به.
وأيضاً في أول ص صرف العناية إلى تقرير الأصل الأول وهو التوحيد لقوله تعالى :﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَاهاً وَاحِداً﴾ [ص : ٥] وفي هذه السورة صرف العناية إلى تقرير الأصل الآخر وهو الحشر فقال تعالى :﴿أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ﴾، فلما كان افتتاح سورة " ص " في تقرير المبدأ قال في آخرها :﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ﴾ [ص : ٧١].
وختمه بحكاية بَدْء آدمَ، لأنَّه دليل الوحدانية، ولما كان افتتاح " ق " لبيان الحشر قال في آخرها :﴿ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ﴾ [ق : ٤٤].


الصفحة التالية
Icon