سورة النَجم
مكية في قول الحسن وعكرمة وجابر.
وقال ابن عباس وقتادة : إلا آية وهي قوله تعالى :}الذين يجتنبون كبائر الاسم والفواحش﴿الاية.
وهي احدى وستون آية.
وقيل : إن السورة مدنية.
والصحيح أنها مكية لقول ابن مسعود : هي أول سورةأعلنها رسول الله ﷺ بمكة.
وقيل : اثنتان وستون آية وثلاثمائة وستون كلمة وألف وأربمائة وخمسة أحرف.
جزء : ١٨ رقم الصفحة : ١٥١
قوله تعالى :{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ﴾
قال ابن عباس (رضي الله عنهما) في رواية الوالبيِّ العَوْفِيِّ يعني الثُّرَيَّا إذَا سقطت وغابت.
وهُوِيُّهُ مَغِيبُهُ.
والعرب تسمي " الثُّرَيَّا " نَجْماً قال قائلهم : ٤٥٣٨ - إِذَا طَلَعَ النَّجْمُ عِشَاءَا
ابْتَغَى الرَّاعِي كِسَاءَا
وجاء في الحديث عن أبي هريرة مرفوعاً : مَا طَلَعَ النَّجْمُ قَطّ وَفِي الأَرْضِ مِنَ العَاهَةِ شَيْءٌ إِلاَّ رُفِعَ.
وأراد بالنجم الثريا.
قال شهاب الدين : وهذا هو الصحيح لأن هذا صار علماً بالغلبة ومنه قول العرب :
١٥٢
٤٥٣٩ - طَلَعَ النَّجْم غُدَيَّهْ
فَابْتَغَى الرَّاعِي كُسَيَّهْ
وقال عمر بن أبي ربيعة : ٤٥٤٠ - أحْسَنُ النَّجْم فِي السَّمَاءِ الثُّرَيَّا
وَالثُّرَيَّا فِي الأَرْضِ زَيْنُ النِّسَاءِ
يقال : إنها سبعة أنجم ستةٌ منها ظاهرة وواحدٌ خفي يمتحن الناس به أبصارهم.
وروى القاضي عِياضٌ في " الشِّفا " أن النبي - ﷺ - كان يرى الثريا أحد عشر نجماً.
وقال مجاهد : هي نجوم السماء كلها حين تغرب.
لفظه واحد ومعناه الجمع.
سمي الكوكب نجماً لطلوعه، وكل طالع نجم، يقال : نَجَم السِّنُّ والقَرْن والنَّبْتُ إذا طَلَعَ.
وروى عكرمة عن ابن عباس - (رضي الله عنهما) - أنها ما يرمى به الشياطين عند استراقهم السمع.
وقال أبو حمزة الثُّماليُّ : هي النجوم إِذا اسْتَتَرَتْ يوم القيامة.
وقيل المراد بالنجم هنا الجِنْس.
قال الشاعر - (رحمة الله عليه - ) : ٤٥٤١ - فَبَاتَتْ تَعُدُّ النَّجْم فِي مُسْتَحِيرَةٍ
سِرِيع بِأَيْدِي الآكِلينَ جُمُودُهَا
أي تَعُدُّ النجوم.
وهذا هو معنى قول مجاهد المتقدم.
وقيل : المراد بالنجم الشِّعْرَى ؛ لقوله :﴿وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى ﴾ [النجم : ٤٩].
وقيل : الزهرة ؛ لأنها كانت تُعْبَدُ.
وقيل : أراد بالنجم القرآن، لأنه نزل نجوماً متفرقاً في عشرين سنة.
وسمي التفريق تنجيماً والمفرق منجماً.
قاله الكلبي ورواه عطاء عن ابن عباس.
والهويُّ النزول من أعلى إلى أسفل.
وقال الأخفش : النجم هو النبت الذي لا ساق له ومنه قوله - عَزَّ وجَلَ - ﴿وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ﴾ [الرحمن : ٦].
وهُوِيُّهُ سقوطه على الأرض.
وقال جعفر الصادق : يعني محمداً -
١٥٣
صلى الله عليه وسلم - إِذ نزل من السماء ليلة المعراج.
والهويُّ النزول، يقال هَوَى يَهْوِي هُوِيًّا.
والكلام في قوله :" والنجم " كالكلام في قوله :" والطُّورِ " حيث لم يقل : وَالنُّجُوم ولا الأَطْوَار وقال :﴿وَالذَّارِيَاتِ﴾ [الذاريات : ١] ﴿وَالْمُرْسَلاَتِ﴾ [المرسلات : ١] كما تقدم.
فصل السور التي تقدمت وافتتاحها بالقسم بالأشياء دون الحروف هي " الصَّافَّات "، و " الذَّارِيَات " و " الطُّور " وهذه السورة بعدها فالأولى أن يقسم لإثبات الوحدانية كما قال :﴿إِنَّ إِلَاهَكُمْ لَوَاحِدٌ﴾ [الصافات : ٤] وفي الثانية أقسم لوقوع الحشر والجزاء كما قال تعالى :﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ﴾ [الذاريات : ٥ و ٦] وفي الثالثة لدوام العذاب بعد وقوعه كما قال تعالى :﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ﴾ [الطور : ٧ و ٨] وفي هذه أقسم لإثبات النبوة لتكمل الأصول الثلاثة الوحدانية، والحشر، والنبوة.
واعلم أنه تعالى لم يقسم على الوحدانية ولا على النبوة كثيراً، لأنه أقسم على الوحدانية في سورة واحدة وهي " وَالصَّافَّاتِ "، وأما النبوة فأقسم عليها بأمر واحد في هذه السورة وبأمرين في سورة (وَالضُّحَى) وأكثر من القسم على الحشر وما يتعلق به فقال :﴿وَالْلَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ﴾ [الليل : ١] ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾ [الشمس : ١] ﴿وَالسَّمَآءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ﴾ [البروج : ١] إلى غير ذلك وكلها في الحشر أو ما يتعلق به، وذلك لأن دلائل الوحدانية كثيرة كلها عقلية كما قيل : ٤٥٤٢ - وَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ آيَةٌ
تَدُلُّ عَلَى أنَّهُ الوَاحِدُ
جزء : ١٨ رقم الصفحة : ١٥٢


الصفحة التالية
Icon