وقال ابن زيد وابن كيسان : بهما تحسب الأوقات والأعمار، ولولا الليل والنهار والشمس والقمر لم يدرك أحد كيف يجد شيئاً إذا كان الدهر كله ليلاً أو نهاراً.
وقال السدي :" بحسبان " تقدير آجالهما، أي : يجريان بآجال كآجال الناس، فإذا جاء أجلهما هلكا، نظيره :﴿كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ [الرعد : ٢].
وقال الضحاك : بقدر.
وقال مجاهد :" بحسبان " كحُسْبَان الرَّحى يعني : قطعها، يدوران في مثل القُطْب.
والحُسْبَان : قد يكون مصدر " حسبته أحسبُه بالضم حَسْباً وحِسَاباً وحُسْبَاناً " مثل الغُفْرَان والكُفْران والرُّجحان.
وحسبته أيضاً : أي عددته.
وقال الأخفش : ويكون جماعة الحساب، مثل " شِهَاب، وشُهْبَان ".
والحُسْبَان - بالضم - أيضاً : العذاب والسِّهام القصار، الواحدة : حُسْبَانة.
والحُسْبانة أيضاً : الوِسادَة الصغيرة تقول منه :" حَسَّبْتُهُ " إذا وسدته.
قال :[مجزوء الكامل] ٤٦١٩ -....................
لَثَوَيْتَ غَيْرَ مُحَسَّبِ
جزء : ١٨ رقم الصفحة : ٢٩١
أي غير مُوسَّد، يعني : غير مكرم ولا مكفن.
قوله تعالى :﴿وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ﴾ [الرحمن : ٦].
قال ابن عباس وغيره : النَّجْم : ما لا ساق له، والشَّجر : ما له ساق.
٢٩٧
وأنشد ابن عباس قول صفوان التيمي :[الطويل] ٤٦٢٠ - لَقَدْ أنجمَ القَاعُ الكَبيرُ عِضَاههُ
وتَمَّ بِهِ حيَّا تَميمٍ ووَائِلِ
وقال زهير بن أبي سُلْمَى :[البسيط] ٤٦٢١ - مُكَلَّلٌ بأصُولِ النَّجْمِ تَنْسِجُهُ
رِيحُ الجَنُوبِ لِضاحِي مَائِهِ حُبُكُ
واشتقاق النجم من " نَجَمَ الشيء يَنْجُمُ " - بالضم - نُجُوماً : ظهر وطلع.
ومنه : نَجَمَ نابُ البعير، أي : طلع.
وسجودهما : سجود ظلالهما ؛ قاله الضحاك.
وقال الفرّاء : سجودهما أنهما يستقبلان إذا طلعت، ثم يميلان معهما حتى ينكسر الفيء.
وقال الزجاج : سجودهما : دوران الظِّل معهما، كما قال :﴿يَتَفَيَّأُ ظِلاَلُهُ﴾ [النحل : ٤٨].
وقال الحسن ومجاهد : النجم نجم السماء، وسجوده في قول مجاهد : دوران ظله " وهو اختيار الطبري، حكاه المهدوي.
وقيل : سجود النجم : أفوله، وسجود الشجر : إمكان الاجتناء لثمارها، حكاه المارودي.
والأول أظهر.
وقيل : إن جميع ذلك مسخر لله تعالى، فلا تعبدوا النجم كما عبد قوم من الصَّابئين النجوم، وعبد كثير من العجم الشجر.
٢٩٨
والسجود : الخضوع، والمعني به آثار الحدوث، حكاه القشيري.
وقال النحاس : أصل السجود في اللغة : الاستسلام والانقياد لله - عز وجل - فهو من السموات كلها استسلامها لأمر الله - عز وجل - وانقيادها له.
ومن الحيوان كذا، ويكون من سجود الصلاة.
وأنشد محمد بن يزيد في النجم بمعنى النجوم ؛ قال :[الطويل] ٤٦٢٢ - فَبَاتَتْ تَعُدُّ النَّجْمَ في مُسْتجيرِهِ
سَرِيعٍ بأيْدِي الآكلينَ جُمُودهَا
قوله تعالى :﴿وَالسَّمَآءَ رَفَعَهَا﴾.
العامة : على النصب على الاشتغال مراعاة لعجز الجملة التي يسميها النحاة ذات وجهين، وفيها دليل لسيبويه الذي يجوز النصب، وإن لم يكن في جملة الاشتغال ضمير عائد على المبتدأ الذي تضمنته الجملة ذات الوجهين.
والأخفش يقول : لا بد من ضمير، مثاله :" هند قامت وعمراً أكرمته لأجلها ".
قال :" لأنك راعيْتَ الخبر وعطفت عليه، والمعطوف على الخبر خبر، فيشترط فيه ما يشترط فيه ".
ولم يشترط الجمهور ذلك، وهذا دليلهم.
فإن القراء كلهم نصبوا مع عدم الرابط إلا من شذ منهم وقد تقدم تحرير هذا في سورة " يس " عند قوله :﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ﴾ [يس : ٣٩].
وقرأ أبو السمال : برفع السماء على الابتداء، والعطف على الجملة الابتدائية التي هي قوله " والشمس والقمر ".
قال القرطبي :" فجعل المعطوف مركباً من ابتداء وخبر كالمعطوف عليه ".
قوله :" ووَضَع المِيزانَ ".
العامة على " وَضَع " فعلاً ماضياً، و " الميزان " نصب على المفعول به.
وقرأ إبراهيم :" ووضْع الميزانِ " - بسكون الضاد - وخفص " الميزان " وتخريجها :
٢٩٩