ويجوز في " الرَّيْحَان " على هذه القراءة أن يكون معطوفاً على ما قبله، أي :" وفيها الريحان " أيضاً، وأن يكون مجروراً بالإضافة في الأصل، أي :" وذو الريحان " ففعل به ما تقدم.
و " العَصْفُ " قال مجاهد رضي الله عنه : ورق الشَّجر والزرع.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : تِبْن الزرع وورقه الذي تَعْصِفُه الرياح.
قال الراغب :" أصله : من " العَصْفِ والعَصِيفَة "، وهو ما يُعصف، أي : يقطع من الزرع ".
وقال سعيد بن جبير : بقل الزرع أي ما ينبت منه، وهو قول الفراء.
والعرب تقول : خرجنا نعصف الزرع إذا قطعوا منه قبل أن يدرك، وكذا في " الصِّحاح " وكذا نقله القرطبي.
وعصفت الزرع، أي : جَزَرته قبل أن يدرك.
وعن ابن عباس أيضاً : العصف : ورق الزرع الأخضر إذا وقع رءوسه ويبس نظيره :﴿كَعَصْفٍ مَّأْكُولِ﴾ [الفيل : ٨].
قال الجوهري :" وقَدْ أعْصَفَ الزَّرْعُ، ومكانٌ مُعْصفٌ، أي : كثير الزرع ".
قال أبو قيس بنُ الأسلت الأنصاريُّ :[السريع] ٤٦٢٦ - إذا جُمَادَى مَنَعَتْ قَطْرَهَا
زَانَ جَنَابِي عَطَنٌ مُعْصِفُ
جزء : ١٨ رقم الصفحة : ٢٩١
وقيل :" العَصْفُ " : حُطام النبات، والعَصْفُ أيضاً : الكسب.
قال الراجز :[الرجز]
٤٦٢٧ - بِغَيْرِ مَا عَصْفٍ ولا اكْتِسَابِ
٣٠٧
وكذلك " الاعتصاف والعصيفة " : الورق المجتمع الذي يكون فيه السّنبل.
وحكى الثعلبي : وقال ابن السكيت :" تقول العرب لورق الزرع : العَصْف والعَصِيفة، والجِلُّ بكسر الجيم ".
قال علقمة بن عبدة :[البسيط] ٤٦٢٨ - تَسْقِي مَذانِب قَدْ مَالتْ عَصيفتُها
حُدُورُهَا مِنْ أتِيِّ المَاءِ مَطْمُوم
في " الصحاح " :" والجِلّ - بالكسر - قصب الزرع إذا حصد ".
والرَّيحان في الأصل مصدر، ثم أطلق على الرزق.
قال ابن عباس ومجاهد والضحاك : هو الرزق بلغة " حِمْير "، كقولهم :" سبحان الله وريحانه " أي : استرزاقه.
وعن ابن عباس أيضاً والضحاك وقتادة : أنه الريحان الذي يشمّ وهو قول ابن زيد أيضاً.
وعن ابن عباس أيضاً : خُضْرة الزرع.
وقال سعيد بن جبير : هو ما قام على ساق.
وقال الفراء :" العصفُ " المأكول من الزرع.
و " الريحان " ما لا يؤكل.
وقال الكلبي العَصْف : الورق الذي لا يؤكل.
و " الريحان " : هو الحب المأكول.
٣٠٨
وقيل : كل فلّة طيبة الريح سميت ريحاناً ؛ لأن الإنسان يراح لها رائحة طيبة أي : يشم.
وفي " الريحان " قولان : أحدهما : أنه على " فَعْلان " وهو من ذوات " الواو "، والأصل " رَوْحَان " من الرائحة.
قال أبو علي : فأبدلت " الواو " ياء كما أبدلت الياء واواً في " أشاوى " وإنما قلبت الواو ياء للفرق بينه وبين " الرَّوْحَان " وهو كل شيء له روح.
قال القرطبي : والثاني : أن يكون أصله " رَيْوَحَان " على وزن " فَيْعَلان " فأبدلت الواو ياء، وأدغمت فيها الياء، ثم خفف بحذف عين الكلمة، كما قالوا : كَيْنُونة وبَيْنُونَة والأصل تشديد الياء، فخفف كما خفف " هَيْن ولَيْن ".
قال مكي : ولزم تخفيفه لطوله بلُحُوق الزيادتين، وهما الألف والنون.
ثم ردّ قول الفارسي بأنه : لا موجب لقلبها ياء.
ثم قال :" وقال بعض الناس " وذكر ما تقدم عن أبي علي.
قال القرطبي :" والأصل فيما يتركب من الراء والواو والحاء : الاهتزاز والحركة ".
وفي الصحاح :" والريحان نبات معروف، والرَّيْحَان : الرزق، تقول : خرجت أبتغي ريحان الله ".
وفي الحديث :" الولدُ مِنْ رَيْحانِ اللَّهِ ".
وقوله : سُبْحَانَ اللَّهِ ورَيْحَانه " نصبوهما على المصدر، يريدون : تنزيهاً له واسترزاقاً.
قوله :﴿وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ﴾ فالعَصْفُ : ساق الزرع، والرَّيْحَان : ورقه قاله الفراء.
قوله :﴿فَبِأَيِّ آلا ااءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [الرحمن : ١٣]، " فبأي " متعلق بـ " تكذبان ".
والعامة على إضافة " أي " إلى " الآلاء ".
وقرئ في جميع السورة بتنوين " أيّ ".
وتخريجها : على أن قطع " أيًّا " عن الإضافة إلى شيء مقدر، ثم أبدل منه " آلاء ربكما " بدل معرفة من نكرة، وتقدم الكلام في " الآلاء " ومفردها في الأعراف ".
٣٠٩