وقيل : إن الحور العين المذكورات في القرآن هن المؤمنات من أزواج النَّبيِّين والمؤمنين يخلقن في الآخرة على أحسن صورة.
قاله الحسن البصري.
والمشهور أن الحور العين لسن من نساء أهل الدنيا، إنما هن مخلوقات في الجنة ؛ لأن الله تعالى قال :﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ﴾ وأكثر نساء أهل الدنيا مطموثات.

فصل في جمال الحور العين " الحور " : جمع حوراء وهي الشديدة بياض العين مع سوادها.


و " المقصورات " : المحبوسات المستورات في الخيام، وهي الحجال، لسن بالطَّوافات في الطرق، قاله ابن عباس.
وقال عمر رضي الله عنه :" الخيمة " : درّة مجوفة.
وقاله ابن عباس.
وقال : وهي فرسخ في فرسخ لها أربعة آلاف مصراع من ذهب.
قال أبو عبد الله الحكيم الترمذي في قوله تعالى :﴿حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ﴾ : بلغنا في الرواية أن سحابة أمطرت من العرش، فخلقن من قطرات الرحمة، ثم ضرب على كل واحدة خيمة على شاطئ الأنهار سعتها أربعون ميلاً وليس لها باب، حتى إذا دخل وليّ الله الجنة انصدعت الخيمة عن باب ليعلم ولي الله أن أبصار المخلوقين من الملائكة والخدم لم تأخذها، فهي مقصُورة قد قصر بها عن أبصار المخلوقين.
وقال مجاهد : قصرن أطرافهن وأنفسهن على أزواجهن فلا يبتغين بدلاً.
وقال عليه الصلاة والسلام :" لوْ أنَّ امْرأةً مِنْ نساءِ أهْلِ الجنَّة اطَّلعَتْ على أهْلِ الأرْضِ لأضاءَتْ ما بينَهُما، ولمَلأتْ ما بَيْنهُمَا ريحاً ".
وتقدَّم الكلام على قوله تعالى :﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ﴾.
قوله تعالى :﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ﴾.
" الرفرف " : جمع رفرفة فهو اسم جنس.
وقيل : بل هو اسم جمع.
نقله مكي، وهو ما تدلى من الأسرة من عالي الثياب وقال الجوهري :" والرفرف " : ثياب خضر تتخذ منها المحابس، الواحدة : رَفرفة.
٣٦١
واشتقاقه : من رف الطائر إذا ارتفع في الهواء، ورفرف بجناحيه إذا نشرهما للطَّيران، ورفرف السحاب هبوبه.
ويدلّ على كونه جمعاً وصفه بالجمع.
وقال الراغب : رفيف الشجر : انتشار أغصانه، ورفيف الطائر نشر جناحيه، رَفَّ يَرِفُّ - بالكسر - ورفَّ فرخه يرُفُّه - بالضم - يفقده، ثم استعير للفقدِ، ومنه :" ما له حاف ولا رافّ "، أي : من يحفه ويتفقده، والرفرف : المنتشر من الأوراق.
وقوله :﴿عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ﴾ ضرب من الثياب مشبه بالرياض.
وقيل : الرفرف طرف الفُسْطاط والخباء الواقع على الأرض دون الأطناب والأوتاد.
وذكر الحسن : أنه البُسُط.
وقال ابن جبير، وابن عباس أيضاً : رياض الجنة من رفّ النبت إذا نعم وحسن.
وقال ابن عيينة : هي الزَّرابي.
وقال ابن كيسان : هي المرافق.
وقال أبو عبيدة : هي حاشية الثوب.
وقيل : الفرش المرتفعة.
وقيل : كل ثوب عريض عند العرب، فهو رفرف.
قال القرطبي :" وفي الخبر في وفاة النبي ﷺ : فرُفِعَ الرَّفْرَفُ فَرأيْنَا وَجْهَهُ كأنَّهُ ورقَةٌ تُخَشْخِشُ ".
أي : رفع طرف الفسطاط.
وقيل : أصل الرفرف من رف النبت يرف إذا صار غضًّا نضيراً.
قال القتبي : يقال للشيء إذا كثر ماؤه من النعمة والغضاضة حتى يكاد يهتز : رفّ يرفَ رفيفاً.
حكاه الهروي.
وقد قيل : إن الرَّفرف شيء إذا استوى عليه صاحبه رفرف به، وأهوى به كالمرجاح يميناً وشمالاً ورفعاً وخفضاً يتلذّذ به مع أنيسه، قاله الحكيم الترمذي في " نوادر الأصول ".
قال : فالرفرف أعظم خطراً من الفرش، فذكر في الأوليين ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ﴾ [الرحمن : ٥٤].
وقال هنا :﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ﴾.
فالرفرف هو مستقر الولي على شيء إذا استوى عليه الوليّ رفرف به، أي طار به حيثما يريد كالمرجاح.
٣٦٢


الصفحة التالية
Icon