قاله أبو حيَّان.
واستشهد بقراءة هشام :" أفئيدة ".
قال شهاب الدين :" وهذا ضعيف جدًّا ".
واستند أيضاً لقراءة الحسن وعيسى :" فلأقسم " بلام واحدة.
وفي هذه القراءة تخريجان : أحدهما : أن " اللام " لام الابتداء، وبعدها مبتدأ محذوف، والفعل خبره، فلما حذف المبتدأ اتصلت " اللام " بخبره، وتقديره :" فلأنا أقسم " نحو :" لزيد منطلق ".
قاله الزمخشري وابن جني.
والثاني : أنها لام القسم دخلت على الفعل الحالي، ويجوز أن يكون القسم جواباً للقسم، كقوله :﴿وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا﴾ [التوبة : ١٠٧]، وهو جواب لقسم مقدر ويجوز أن يكون القسم كذلك وهذا هو قول الكوفيين، يجيزون أن يقسم على فعل الحال.
والبصريون يأبونه، ويخرجون ما يوهم ذلك على إضمار مبتدأ، فيعود القسم على جملة اسمية.
ومنع الزمخشري أن تكون لام القسم.
قال : لأمرين : أحدهما : أن حقها أن تقرن بالنون المؤكدة، والإخلال بها ضعيف قبيحٌ.
والثاني : أن " لأفعلن " في جواب القسم للاستقبال، وفعل القسم يجب أن يكون للحال.
يعني أن فعل القسم إنشاء، والإنشاء حال.
٤٢٩
وأمَّا قوله :" إنَّ حقَّها أن تقرن بها النون "، هذا مذهب البصريين أيضاً.
وأمَّا الكوفيون فيجيزون التَّعاقب بين اللام والنون، نحو :" والله لأضرب زيداً " كقوله :[الطويل] ٤٧٠٨ - لَئِنْ تَكُ قَدْ ضَاقَتْ عَليْكُم بُيُوتكُمْ
ليَعْلَمُ ربِّي أنَّ بَيْتِيَ واسِعُ
جزء : ١٨ رقم الصفحة : ٤٢٨
و " الله اضربن زيداً ".
كقوله :[الكامل] ٤٧٠٩ - وقَتِيلِ مُرَّة أثأَرَنَّ...
........................
وقد تقدم قريب من هذه الآية في قوله تعالى :﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ﴾ [النساء : ٦٥]، ولكن هناك ما لا يمكن القول به هنا، كما أن هنا ما لا يمكن القول به هناك، وسيأتي - إن شاء الله تعالى - قريب منه في " القيامة " في قراءة ابن كثير :﴿لأُقْسِمُ بِيَومِ القِيامَةِ﴾ [القيامة : ١].
قال القرطبي :" وقيل :" لا " بمعنى " ألاَ " للتنبيه، كقوله :[الطويل] ٤٧١٠ - ألا عِمْ صَبَاحاً أيُّهَا الطَّلَلُ البَالِي
.......................
ونبَّه بهذا على فضيلة القرآن ليتدبروه، فإنه ليس بشعر، ولا سحر، ولا كهانة كما زعموا.
وقرأ العامة :" بمواقع " جمعاً.
والأخوان :" بموقع " مفرداً بمعنى الجمع ؛ لأنه مصدر فوحَّد.
ومواقعها : مساقطها ومغاربها.
قاله قتادة وغيره.
٤٣٠
وقال الحسن : انكدارها وانتثارها يوم القيامة.
وقيل : المراد نجوم القرآن.
قاله ابن عباس والسدي، ويؤيده :" وإنه لقسم " و " إنَّه لقُرآن كريم ".
وقال عطاء بن أبي رباح : منازلها.
وقال الضحاك : هي الأنواء التي كانت أهل الجاهلية، تقول إذا مطروا : مطرنا بنوء كذا.
وقال المارودي : ويكون قوله تعالى :﴿فَلاَ أُقْسِمُ﴾ مستعملاً على الحقيقة من نفي القسم.
وقال القشيري : هو قسم، ولله أن يقسم بما يريد، وليس لنا أن نقسم بغير الله - تعالى - وصفاته القديمة.
قال القرطبي :" ويدلُّ على هذا قراءة الحسن : فلأقسم ".
قوله :" وإنه قسم - لو تعلمون - عظيم ".
الضمير عائد على القسم الذي تضمنه قوله :﴿فَلاَ أُقْسِمُ﴾ ؛ لأن " أقسم " يتضمن ذكر المصدر، ولهذا توصف المصادر التي لم تظهر بعد الفعل فيقال :" ضربته قويًّا ".
فإن قيل : جواب " لو تعْلَمُونَ " ماذا ؟.
قال ابن الخطيب : ربما يقول بعض من لا يعلم بأن جوابه ما تقدم، وهو فاسد في جميع المواضع ؛ لأن جواب الشرط لا يتقدم ؛ لأن عمل الحروف في معمولاتها لا يكون قبل وجودها، فلا يقال : زيداً إن قام.
فالجواب يحتمل وجهين : أحدهما : أن يقال : الجواب محذوف بالكلية بحيث لا يقصد لذلك جواب، وإنما يراد نفي ما دخلته " لو " فكأنه قال : وإنه لقسمٌ عظيم لو تعلمون.
وتحقيقه : أن " لو " تذكر لامتناع الشيء لامتناع غيره، فلا بُدَّ فيه من انتفاء الأول،
٤٣١


الصفحة التالية
Icon