قال مقاتل :[هو الرزق بلغة] " حِمْير ".
يقال : خرجنا نطلب ريحان الله، أي : رِزْقَه.
وقيل : هو الريحان الذي يشم.
قال أبو العالية : لا يفارق أحد من المقربين الدنيا حتى يُؤتى بغُصْنٍ من ريحان الجنة فيشمه ثم تقبض روحه.
وقال أبو بكر الورَّاق : الرَّوح : النَّجاة من النار والرَّيحان : دخول دار القرار.
وقد تقدَّم الكلام على " رَيْحَان " وكيفية تعريفه في السورة قبلها.
وقوله :" فَرَوْحٌ " مبتدأ، خبره مقدر قبله، أي : فله روح، ويجوز أن يقدر بعده لاعتماده على فاء الجزاء.
قوله :﴿وأما إن كان من أصحاب اليمين، فسلامٌ لك من أصحاب اليمين﴾.
" فسلام لك " مبتدأ وخبر.
و " من أصحاب ".
قال الزمخشري :" فسلام لك يا صاحب اليمين من إخوانك أصحاب اليمين، أي : يسلمون عليك ".
وقال ابن جرير :" فسلام لك أنت من أصحاب اليمين ".
وهذا يحتمل أن يكون كقول الزمخشري، ويكون " أنت " تأكيداً للكاف في لك، ويحتمل أن يكون أراد أن " أنت " مبتدأ، و " من أصحاب " خبره، ويؤيد هذا ما حكاه قوم من أن المعنى فيقال لهم : سلام عليكم لك إنك من أصحاب اليمين.
وأول هذه الأقوال هو الواضح البين ؛ ولذلك لم يعرج أبو القاسم على غيره.
فصل في المقصود بهذا السلام قال القرطبي :﴿فَسَلاَمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ﴾ أي : لست ترى منهم إلاَّ ما تحب من السلامة فلا تهتمّ، فإنهم يسلمون من عذاب الله.
وقيل : المعنى : سلام لك منهم، أي : أنت سالم من الاهتمام لهم، والمعنى واحد.
وقيل : إن أصحاب اليمين يدعون لك يا محمد بأن يصلي الله عليك ويسلم.
٤٤٧
وقيل : معناه : سلمت أيها العبدُ ممَّا تكره، فإنك من أصحاب اليمين فحذف إنك.
وقيل : إنه يُحَيَّا بالسلام إكراماً.
فعلى هذا في محل السلام ثلاثة أقاويل : أحدها : عند قبض روحه في الدنيا يسلم عليه ملك الموت.
قاله الضحاك.
قال ابن مسعود : إذا جاء ملك الموت لقبض روح المؤمن، قال : ربك يقرئك السلام.
الثاني : عند مساءلته في القبر يسلّم عليه منكر ونكير.
الثالث : عند بعثه في القيامة يسلم عليه الملك قبل وصوله إليها.
قال القرطبي :" ويحتمل أن يسلم عليه في المواطن الثلاثة، ويكون ذلك إكراماً بعد إكرام ".
قوله :﴿وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ﴾ بالبعث " الضَّالين " عن الهدى، وطريق الحق ﴿فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ﴾ كما قال :﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضِّآلُّونَ الْمُكَذِّبُونَ لآكِلُونَ﴾ [الواقعة : ٥١ - ٥٢] إلى أن قال :﴿ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ﴾ [الصافات : ٦٧].
قوله :﴿وَتَصْلِيَةُ﴾.
قرأ أبو عمرو في رواية اللؤلؤي عنه، وأحمد بن موسى، والمنقري : بجر التاء عطفاً على " حميم "، أي : ونزل من تصلية جحيم.
والمعنى : إدخال في النَّار.
وقيل : إقامة في الجحيم، ومقاساة لأنواع عذابها.
يقال : أصلاه النَّار وصلاه، أي : جعله يصلاها.
والمصدر هنا أضيف إلى المفعول، كما يقال : لفلان إعطاء مال، أي : يعطي المال.
قوله :﴿إِنَّ هَـذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ﴾.
أي : هذا الذي قصصناه محضُ اليقين وخالصه.
وجاز إضافة الحق إلى اليقين، وهما واحد لاختلاف لفظهما، وذلك من باب إضافة المترادفين على سبيل المبالغةِ.
قال المبرد : هو كقولك : عين اليقين وحق اليقين.
٤٤٨


الصفحة التالية
Icon