الأولى مجرورة بـ " اللام " ليبين أنَّ البدل إنما هو منها.
قاله ابن عطية.
وهي عبارة قلقةٌ جداً.
الثالث : أن " للفقراء " خبر لمبتدأ محذوف، أي : ولكن الفيء للفقراء.
وقيل : تقديره : ولكن يكون للفقراء، وقيل : اعجبوا للفقراء.
قوله " يبتغون " يجوز أن يكون حالاً، وفي صاحبها وجهان : أحدهما : للفقراء.
والثاني :" واو " أخرجوا.
قالهما مكي.

فصل في معنى الآية ومعنى الآية أن الفيء والغنائم للفقراء والمهاجرين.


وقيل :﴿كي لا يكون دولة بين الأغنياء﴾ ولكن يكون " للفقراء " وهو مبني على الإعراب المتقدم، وعلى القول بأنه بيان لذوي القربى، " واليتامى والمساكين " أي : المال لهؤلاء ؛ لأنهم فقراء ومهاجرون، وقد أخرجوا من ديارهم فهم أحق الناس به.
وقيل :﴿وَلَـاكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَآءُ﴾ [الحشر : ٦] للفقراء المهاجرين كي لا يكون المال دولة بين الأغنياء مهاجرين من بني الدنيا.
وقيل : والله شديدُ العقاب للفقراء المهاجرين، أي : شديد العقاب للكافر بسبب الفقراء المهاجرين ومن أجلهم، ودخل في هؤلاء الفقراء المتقدم ذكرهم في قوله تعالى :﴿وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى ﴾ [الحشر : ٧].
قال القرطبي :" وقيل : هو عطف على ما مضى، ولم يأت بواو العطف كقولك : هذا المال لزيد لبكر لفلان.
و " المهاجرون " : من هاجر إلى النبي ﷺ حبًّا فيه ونُصرةً له ".
وقال قتادة : هؤلاء المهاجرين الذين تركوا الدِّيار والأموال والأهلين والأوطان حبًّا لله - عز وجل - ولرسوله ﷺ حتَّى إن الرجل منهم كان يَعْصِبُ على بطنه ليقيم به صلبه من الجوع، وكان الرجل يتخذ الحفيرة في الشتاء ما له دثار غيرها.
قوله تعالى :﴿الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ﴾ أي : أخرجهم كفار " مكة "، أي : أحوجوهم إلى الخروج، وكانوا مائة رجل " يَبْتَغُونَ " أي : يطلبون ﴿فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ﴾ : أي غنيمة في
٥٨٣
الدنيا " ورضْوَاناً " في الآخرة أي : مرضاة ربهم ﴿وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ في الجهاد ﴿أُوْلَـائِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾ في فعلهم ذلك.
وروي أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - خطب بـ " الجابية "، فقال : من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبيَّ بن كعب، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت، ومَنْ أراد أن يسأل عن الفقهِ، فليأت معاذ بن جبل، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني، فإن الله - تعالى - جعلني له خازناً وقاسماً، ألا وإنِّي بادٍ بأزواج النبي ﷺ فمعطيهنّ، ثم بالمهاجرين الأولين أنا وأصحابي، أخرجنا من " مكة " من ديارنا وأموالنا.
قوله :﴿أُوْلَـائِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾.
يعني : أنهم لما هجروا لذَّات الدنيا، وتحملوا شدائدها لأجل الدِّين ظهر صدقهم في دينهم.
قوله تعالى :﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ﴾.
يجوز في قوله :﴿والذين تبوّءوا الدار﴾ وجهان : أحدهما : أنه عطف على " الفقراء " فيكون مجروراً، ويكون من عطف المفردات، ويكون " يحبون " حالاً.
والثاني : أن يكون مبتدأ، خبره " يُحبُّون " ويكون حينئذ من عطف الجمل.
وفي قوله :" والإيمان ".
ستة أوجه : أحدها : أنه ضمن " تَبَوَّءوا " معنى لزموا، فيصح عطف الإيمان عليه، إذ الإيمان لا يتبوأ.
الثاني : أنه منصوب بمقدر، أي : واعتقدوا، أو وألفوا، أو وأحبوا، أو وأخلصوا، كقوله :[الرجز] ٤٧٤٦ - عَلَفْتُهَا تِبْناً ومَاءً بَارِداً
.......................
جزء : ١٨ رقم الصفحة : ٥٨٢
وقوله :[مجزوء الكامل] ٤٧٤٧ -.....................
مُتَقَلِّداً سَيْفاً ورُمْحَا
الثالث : أنه يتجوّز في الإيمان، فيجعل اختلاطه بهم وثباتهم عليه كالمكان المحيط
٥٨٤


الصفحة التالية
Icon