وقيل هو في الأصل : مُؤيمن فقلبت الهمزة هاء، كقوله :" أرَقْت وهرقت " ومعناه : المؤمن.
نقله البغوي.
وتقدم الكلام على " العَزِيز ".
٦١٢
قوله :" الجبَّارُ ".
استدل به من يقول : إن أمثلة المبالغة تأتي من المزيد على الثلاثة، فإنه من " أجبره على كذا "، أي قهره.
قال الفرَّاء : ولم أسمع " فعّالاً " من " أفعل " إلا في " جبَّار ودرَّاك " من أدرك انتهى واستدرك عليه : أسأر، فهو سَئّار.
وقيل : هو من الجبر، وهو الإصلاح.
وقيل : هو من قولهم : نخلة جبَّارة إذا لم ينلْها الجُناة.
قال امرؤ القيس :[الطويل] ٤٧٥٦ - سَوَامِقَ جَبَّارٍ أثيثٍ فُرُوعُهُ
وعَالَيْنَ قِنْوَاناً من البُسْرِ أحْمَرا
يعني النَّخْل التي فاتت اليد.
قال ابن الخطيب : فيه وجوه : أحدها : أنه " فعّال " من جبر، إذا أغنى الفقير وأصلح الكسير.
قال الأزهري :" هو لعمري جابرٌ لكل كسيرٍ وفقير، وهو جابر دينه الذي ارتضاه ".
قال العجاج - رحمه الله - :[الرجز]
٤٧٥٧ - قَدْ جَبَرَ الدِّينَ الإلَهُ فَجَبَرْ
الثاني : أن يكون من جبره إذا أكرهه على ما أراده.
قال السديُّ : إنه هو الذي يقهر الناس، ويجبرهم على ما أراده.
وكان الشافعي - رحمه الله - يقول : جبره السلطان على كذا، بغير ألف.
الثالث : قال ابن عباس رضي الله عنهما : الجبَّار هو الملك العظيم.
وقيل : الجبار الذي لا تُطاق سطوته.
قال الواحدي : هذا الذي ذكرنا من معاني الجبار في صفة الله تعالى، وأما معاني الجبار في صفة الخلق فلها معان :
٦١٣
أحدها : المُسَلَّط، كقوله :﴿وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ﴾ [ق : ٤٥].
الثاني : العظيم الجسم، كقوله تعالى :﴿إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ﴾ [المائدة : ٢٢].
والثالث : المتمرّد عن عبادة الله كقوله :﴿وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً﴾ [مريم : ٣٢].
الرابع : القتال كقوله :﴿بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ﴾ [الشعراء : ١٣٠] وقوله :﴿إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِي الأَرْضِ﴾ [القصص : ١٩].
قوله :﴿الْمُتَكَبِّرُ﴾.
قال ابن عباس : الذي تكبر بربوبيته فلا شيء مثله.
وقيل : المتكبر عن كل سوء، المتعظم عما لا يليق به من صفات الحدوث والذم.
وأصل الكبر والكبرياء الامتناع وقلّة الانقياد.
قال حميد بن ثور :[الطويل] ٤٧٥٨ - عَفَتْ مِثْلَ مَا يَعْفُو الفَصِيلُ فأصْبَحَتْ
بِهَا كِبْرِيَاءُ الصَّعْبِ وهي ذَلُولُ
جزء : ١٨ رقم الصفحة : ٦٠٦
قال الزجَّاج : وهو الذي تعظَّم عن ظلم عباده.
وقال ابن الأنباري :" المتكبر " ذو الكبرياء.
والكبرياء عند العرب الملك، قال تعالى :﴿وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَآءُ فِي الأَرْضِ﴾ [يونس : ٧٨] واعلم أن المتكبر في صفات الله مدح، وفي صفات المخلوقين ذم.
قال - عليه الصلاة والسلام - يرويه عن ربه - تبارك وتعالى - أنه قال :" الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما قصمته ثم قذفته في النار ".
وقيل : المتكبر معناه العالي.
وقيل : الكبير، لأنه أجل من أن يتكلف كبراً.
وقد يقال : تظلّم بمعنى ظلم، وتشتّم بمعنى شتم، واستقر بمعنى قرّ، كذلك المتكبر بمعنى الكبير، وليس كما يوصف به المخلوق إذا وصف بـ " تفعل " إذا نسب إلى ما لم يكن منه، ثم نزّه نفسه فقال :﴿سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾.
كأنه قال : إن المخلوقين قد يتكبرون، ويدّعون مشاركة الله في هذا الوصف،
٦١٤


الصفحة التالية
Icon