قال أبو هريرة : بلى.
قال :" فهو ذاك " وقال - عليه الصلاة والسلام - :" مَن اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمعة واسْتَنَّ ومسَّ طِيْباً إن كان عِندَهُ ولبِسَ مشنْ أحْسَن ثيابهِ ثُمَّ خَرَجَ حتَّى يَأتِيَ المَسْجِدُ ولمْ يتَخَطَّ رِقَّاب النَّاسِ ثُمَّ رَكَعَ مَا شَاءَ اللَّهُ أن يَرْكَعَ وانصَتَ إذا خَرَجَ الإمامُ، كَانَتْ كفَّارة لما بَيْنهُمَا وبَيْنَ الجُمُعةِ الأخْرَى الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهَا " وقال أبو هريرة : وزيادة ثلاثة أيام ؛ لأن الله تعالى يقول :﴿مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام : ١٦٠].
وروى أبو هريرة قال :" قال رسول الله ﷺ :" إذَا كَانَ يَوْمُ الجمعة كَانَ عَلى كُلِّ بَابٍ مِنْ أبْوابِ المَسْجدِ ملائِكةٌ يَكْتُبُونَ [النَّاسَ على مَنَازلِهِم]، الأوّل فالأوَّلَ، فإذا خرج الإمامُ طُويتِ الصُّحَفُ واستَمَعُوا الخُطْبَةَ " وقال :" مَن اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمعَةِ، ثُمَّ رَاحَ في السَّاعةِ الأولى، فكَأنَّما قَرَّب بَدَنةً، ومن رَاحَ فِي السَّاعةِ الثَّانيةِ فكأنَّما قرَّب بقرةً، ومَن راحَ في السَّاعةِ الثَّالثة فكأنَّما قرَّب كبْشاً، ومن رَاحَ في السَّاعةِ الرَّابعةِ فكأنَّما قرَّب دَجَاجَةً [ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما قرب عصفوراً]، ومن رَاحَ فِي السَّاعةِ السادسة، فكَأنَّما قَرَّبَ بَيْضَةً فإذا خَرَجَ الإمامُ حَضرتِ الملائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ " قوله :﴿وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ أي : بالطاعة واللسان، وبالشكر على ما أنعم به عليكم من التوفيق لأداء فرائضه ﴿لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [كي تفلحوا].
وقال سعيد بن جبير : الذكر طاعة الله، فمن أطاع الله فقد ذكره ؛ ومن لم يطعه فليس بذاكر وإن كان كثير التسبيح.
٩٣
قال ابن الخطيب : فإن قيل : ما الفرق بين ذكر الله أولاً وذكر الله ثانياً ؟ فالجواب : أن الأول من جملة ما لا يجتمع مع التجارة أصلاً إذ المراد منه الخطبة والصلاة والثاني من جملة ما يجتمع مع التجارة كما في قوله تعالى :﴿رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [النور : ٣٧].
قوله :﴿وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا ااْ إِلَيْهَا﴾.
روى مسلم عن جابر بن عبد الله " أن النبي ﷺ كان يخطب قائماً يوم الجمعة فجاءت عبر من " الشام " فانفتل الناس إليها حتى لم يبق إلا اثني عشر رجلاً، وفي رواية : أنا فيهم، فنزلت هذه الآية " ﴿وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا ااْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً﴾.
وذكر الكلبي : أن الذي قدم بها دحية بن خليفة الكلبي من " الشام " في مجاعةٍ وغلاء سعر وكان معه جميع ما يحتاج إليه الناس من برّ ودقيق وغيره فنزلت عند أحجار الزيت وضرب بالطبل ليعلم الناس بقدومه فخرج الناس إلا اثني عشر رجلاً وقيل إلا أحد عشر رجلاً وحكى البغوي قالك فلما رأوه قاموا إليه خشية أن يسبقوا إليه قال الكلبي وكانوا في خطبة الجمعة فانفضوا إليه وبقي مع رسول الله ﷺ ثمانية رجال حكاه الثعلبي عن ابن عباس وذكر الدارقطني من حديث جابر قال : بينما رسول الله ﷺ يخطب يوم الجمعة إذ أقبلت عير تحمل الطعام حتى نزلت بالبقيع فالتفتوا أليها وتركوا رسول الله ﷺ ليس معه إلاّ أربعين رجلاً أنا منهم قال : وأنزل الله تعالى على النبي ﷺ ﴿وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً﴾ قال الدارقطني لم يقل في هذا الآثار إلاّ أربعين رجلاً غير علي بن عاصم بن حصين وخالفه أصحاب حصين فقالوا لم يبق مع النبي ﷺ إلاّ اثني عشر رجلاً.
واحتج بهذا الحديث من يرى أن الجمعة تنعقد باثني عشر رجلاً وليس فيه بيان أنه أقام بهم الجمعة وذكر الزمخشريأن النبي صلى الله عيله وسلم قال : والذي نفسي بيده لو خرجوا جميعاً لأضرم الله عليهم الوادي ناراً وروي في حديث مرسل عن أسد بن عمرو والد أسد بن موسى بن أسد وفيه أن رسول الله ﷺ لم يبق معه إلا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة عامر بن الجراح وسعيد بن زيد وبلال وعبد الله بن مسعود في إحدى الروايتين وفي الرواية الأخرى عمار بن ياسر قال القرطبي ولم يذكر جابراً وذكر مسلم أنه كان فيهم والدارقطني أيضاً فيكونون ثلاثة عشر وإن كان عبد الله بن مسعود بينهم فيهم أربعة عشر.
٩٤