قال القرطبي :" وهو أصح ما قيل فيه ".
فصل في المرتابة في عدتها المرتابة في عدتها لم تنكح حتى تستبرىء نفسها من ريبتها، ولا تخرج من العدة إلا بارتفاع الرِّيبة، وقد قيل في المرتابة التي ارتفع حيضها، لا تدري ما رفعه إنها تنتظر سنة من يوم طلَّقها زوجها، منها تسعة أشهر استبراء، وثلاثة عدة، فإن طلقها فحاضت حيضة، أو حيضتين، ثم ارتفع حيضها بغير يأس منها انتظرت تسعة أشهر ثم ثلاثة من يوم طهرت من حيضها ثم حلت [للأزواج].
وهذا قول الشافعي بالعراق.
فعلى قياس هذا القول تقيم الحرة المتوفى عنها زوجها المستبرأة بعد التسعة أشهر [أربعة أشهر وعشراً، والأمة شهرين وخمس ليال بعد التسعة أشهر].
وروي عن الشافعي أيضاً : أن أقراءها على ما كانت حتى تبلغ سنَّ اليائسات.
وهو قول النخعي والثوري وغيرهما، وحكاه أبو عبيدة عن أهل العراق.
فصل في ارتياب المرأة الشابة إذا ارتابت المرأة الشابة هل هي حامل أم لا ؟ فإن اسبان حملها فأجلها وضعه، وإن لم يستبن، فقال مالك : عدة التي ارتفع حيضها وهي شابة سنة، وبه قال أحمد وإسحاق وروي عن عمر بن الخطَّاب وغيره.
وأهل " العراق " يرون أن عدتها ثلاث حيض بعد ما كانت حاضت مرة واحدة في عمرها وإن مكثت عشرين سنةً، إلا أن تبلغ من الكبر سنّاً تيأس فيه من الحيضِ فتكون عدتها بعد الإياس ثلاثة أشهر.
قال الثعلبي : وهذا الأصح من مذهب الشافعي وعليه جمهور العلماء، وروي ذلك عن ابن مسعود وأصحابه.
قال إلكيا : وهو الحق، لأن الله تعالى جعل عدة الآيسة ثلاثة أشهر.
والمرتابة ليس آيسة.
فصل فيمن تأخر حيضها لمرض فأما من تأخر حيضها لمرض، فقال مالك وبعض أصحابه : تعتد تسعة أشهر ثم ثلاثة كما تقدم.
١٦٤
وقال أشهب : هي كالمرضع بعد الفطام بالحيض أو بالسنة.
وقد طلق حبان بن منقذ امرأته وهي ترضع، فمكثت سنة لا تحيض لأجل الرضاع ثم مرض حبان فخاف أن ترثه فخاصمها إلى عثمان وعنده عليّ وزيد فقالا : نرى أن ترثه، لأنها ليست من القواعد ولا من الصغار، فمات حبان فورثته واعتدت عدة الوفاة.
فصل لو تأخّر الحيض بغير مرض ولا رضاع فإنها تنتظر سنة لا حيض فيها، تسعة أشهر ثم ثلاثة على ما تقدم، فتحل ما لم ترتب بحمل، فإن ارتابت بحمل أقامت أربعة أعوام أو خمس أو سبعة على الاختلاف.
قال القرطبي :" وأشهر الأقوال خمسة أعوام، فإن تجاوزتها حلّت ".
وقال أشهب : لا تحل أبداً حتى تنقطع عنها الريبة.
قال ابن العربي :" وهو الصحيح، إذا جاز أن يبقى الولد في بطنها خمسة أعوام جاز أن يبقى عشرة أو أكثر من ذلك "، وروي مثله عن مالك.
فصل فيمن جهل حيضها بالاستحاضة وأما التي جهل حيضها بالاستحاضة ففيها أقوال : قال ابن المسيب : تعتد سنة.
وهو قول الليث.
قال الليث : عدة المطلقة والمتوفى عنها زوجها إذا كانت مستحاضة " سنة ".
قال القرطبي :" وهو مشهور قول علمائنا، سواء علمت دم حيضها من دم استحاضتها، وميزت ذلك أو لم تميزه، عدّتها في مذهب مالك سنة، منها تسعة أشهر استبراء، وثلاثة عدّة ".
وقال الشَّافعي في أحد أقواله : عدتها ثلاث أشهر وهو قول جماعة من التابعين والمتأخرين.
قال ابن العربي :" وهو الصحيح عندي ".
وقال أبو عمر : المستحاضة إذا علمت إقبال حيضتها وإدبارها اعتدت بثلاثة قُرُوءٍ.
قال القرطبي :" وهذا أصحّ في النظر، وأثبت في القياس والأثر ".
قوله :﴿وَاللاَّتِي لَمْ يَحِضْنَ﴾.
١٦٥


الصفحة التالية
Icon