الأيمانِ ؛ لأن فيه ضميراً منه كما يكون إذا كان خبراً عنه.
وقيل : من الضمير في " علينا إن قدرت علينا " وصفاً للأيمان ".
وقوله :﴿إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ﴾.
أي : لأنفسكم من الخير والكرامة.
قوله :﴿إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ﴾، جواب القسم في قوله :" أيْمانٌ " لأنها بمعنى أقسام.
قوله :﴿سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ﴾.
أي : سل - يا محمد - هؤلاء المتقولين عليَّ : أيهم كفيل بما تقدم ذكره، والزعيم : الكفيل والضمين، قاله ابن عباس وقتادة، لقوله تعالى :﴿وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ﴾ [يوسف : ٧٢].
وقال ابنُ كَيْسَان : الزعيم هنا : القائم بالحجة والدعوى.
وقال الحسن : الزعيم : الرسول.
قوله :" أَيُّهمِ " متعلق بـ " سَلْهُمْ " و " بذلك " متعلق بـ " زعيمٌ "، أي : ضمين وكفيل وقد تقدم أن " سَألَ " تعلق لكونه سبباً في العلم، وأصله أن يتعدى بـ " عَنْ "، أو الباء كقوله :﴿فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً﴾ [الفرقان : ٥٩]، وقوله :[الطويل] ٤٨٣٠ - فإنْ تَسْألُونِي بالنِّساءِ...
.............................
جزء : ١٩ رقم الصفحة : ٢٩٤
والجملة في موضع نصب بعد إسقاط الخافض كما تقدم تقريره.
قوله :﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَآءُ﴾.
هذه قراءة العامة.
وقرأ عبد الله :﴿أم لهم شرك فليأتوا بشركهم﴾ بلفظ المصدرِ.
قال القرطبيُّ :﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَآءُ﴾، أي : ألهم، والميم صلة، ومعنى : شركاءُ، أي : شهداء ﴿فَلْيَأتُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ﴾ يشهدون على ما زعموا ﴿إِن كَانُواْ صَادِقِينَ﴾ في دعواهم.
وقيل : فليأتوا بشركائهم إن أمكنهم، فهو أمر تعجيز.
وقال ابن الخطيب :" في تفسيره وجهان : الأول : أن المعنى أم لهم أشياء يعتقدون أنها شركاء الله ويعتقدون أن أولئك شركاء يجعلونهم في الآخرة مثل المؤمنين في الثواب، والخلاص من العقابِ، وإنما إضاف الشركاء إليهم ؛ لأنهم جعلوها شركاء للَّهِ، كقوله :﴿هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ مِّن شَيْءٍ﴾ [الروم : ٤٠].
٢٩٧
الثاني : أم لهم أناسٌ يشاركونهم في هذا المذهب، وهو التسوية بين المسلمين والمجرمين فليأتوا بهم إن كانوا صادقينَ في دعواهم، والمراد بيان أنه كما ليس لهم دليل عقلي، ولا دليل من كتاب يدرسونه، فليس لهم من يوافقهم من العقلاء على هذا القولِ، فدل ذلك على بطلانه ".
جزء : ١٩ رقم الصفحة : ٢٩٤
ثم إنه تعالى لما أبطل قولهم شرح بعده عظمة يوم القيامة، وهو قوله :﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ﴾ " يَوْمَ " منصوب بقوله " فليَأتُوا " أي : فليأتوا بشركائهم يوم يكشفُ عن ساق ليشفع الشركاء لهم وحينئذ لا يوقف على " صَادِقينَ ".
أو بإضمارِ " اذْكُرْ " فيكون مفعولاً به، أو بمحذوفٍ وهو ظرف، أي : يوم يكشف يكون كيت وكيت.
أو بـ " خَاشِعةً ".
قاله أبو البقاء.
و " عَنْ ساقٍ " قائم مقام الفاعل.
وقرأ ابن مسعود وابن أبي عبلة :" تكشف " بالتاء من فوق مبنياً للفاعل، أي : الشدة والساعة.
وعنه أيضاً كذلك : مبنياً للفعول.
وهي مشكلة، لأن التأنيث لا معنى له هاهنا إلا أن يقال : إن المفعول مستتر، أي : تكشف هي، أي : الشدة، ويتعلق " عَنْ ساقٍ " بمحذوف، أي : تكشف عن ساقها.
ولذلك قال الزمخشري :" وتكشف " بالتاء مبنياً للفاعل والمفعول جميعاً، والفعل للساعة، أو الحال : أي يشتد الحال، أو الساعة.
وقرىء :" ويُكشِفُ " - بضم التاء أو الياء وكسر الشين - من " أكشف " إذا دخل في الكشف، وأكشف الرجل إذا انقلبت شفته العليا لانكشاف ما تحتها.
ويقال له أيضاً : أخلع وكشف الساق كناية عن الشدة.
قال الراجز :[الرجز] ٤٨٣١ - عَجِبْتُ مِنْ نَفْسِي ومِنْ إشْفَاقِهَا
ومِنْ طِرَادِي الطَّيْرَ عَنْ أرْزَاقِهَا
٢٩٨
في سَنةٍ قَدْ كشَفَتْ عَنْ سَاقِهَا حَمْرَاءِ َبْرِي اللَّحْمَ عَنْ عُراقِهَا وقال حام الطائيُّ :[الطويل] ٤٨٣٢ - أخُو الحَرْبِ إنْ عَضَّتْ به الحَرْبُ عضَّهَا
وإنْ شَمَّرْتَ عَنْ سَاقهَا الحَرْبُ شَمَّرَا
وقال الآخر :[مجزء الكامل] ٤٨٣٣ - كَشفَتْ لَهُمْ عَنْ سَاقِهَا
وبَدَا مِنَ الشَّرِّ البَواحُ
وقال الراجز :[الرجز] ٤٨٣٤ أ - قَدْ شَمَرَتْ عَنْ سَاقِهَا فشُدُّوا
وجَدَّتِ الحَرْبُ بِكُمْ فَجِدُّوا
جزء : ١٩ رقم الصفحة : ٢٩٨
وقال الآخر :[السريع، أو الرجز] ٤٨٣٤ ب - صَبْراً أُمامُ إنَّهُ شَرُّ بَاقْ
وقَامتِ الحَرْبُ بِنَا على سَاقْ
قال الزمخشريُّ : الكشفُ عن الساق والإبداء عن الخدام مثل في شدة الأمر وصعوبة الخطب، وأصله في الروع والهزيمة وتشمير المخدراتِ عن سوقهن في الهرب وإبداء خدامهن عند ذلك ؛ قال حاتم : ٤٨٣٥أ - أخو الحَرْبِ.........
..............................
وقال ابن قيس الرذُقيَّاتِ :[الخفيف] ٤٨٣٥ ب - تُذِهِلُ الشَّيْخَ عنْ بنيهِ وتُبْدِي
عَنْ خِدَامِ العَقيلَةُ العَذْراءُ