فاترك، وكذلك روى مغيرة عن إبراهيم النخعي، قال : الرجز : الإثم.
وقال قتادة : الرجز إساف، ونائلة.
وأصل " الرُّجْز " : العذابُ، قال تعالى :﴿لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ﴾ [الأعراف : ١٣٤].
وقال تعالى :﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَآءِ﴾ [الأعراف : ١٦٣].
قوله :﴿وَلاَ تَمْنُن﴾، العامة : على فك الإدغام والحسن وأبو السمال والأشهب العقيلي : بالإدغام.
وقد تقدم أن المجزوم، والموقوف من هذا النوع يجوز فيهما الوجهان، وتقدم تحقيقه في " المائدة "، عند قوله تعالى :﴿مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ﴾ [المائدة : ٥٤].
والمشهور أنه من المنّ، وهو الاعتداد على المعطى بما أعطاه، وقيل : معناه " ولا تضعف " من قولهم : حبل متين، أي : ضعيف.
قوله :﴿تَسْتَكْثِرُ﴾، العامة على رفعه، وفيه وجهان : أحدهما : أنه في موضع الحال، أي : لا تمنن مستكثراً ما أعطيت.
وقيل : معناه لا تأخذ أكثر ممنا أعطيت.
الثاني : على حذف " أن " يعني أن الأصل ولا تمنن أن تستكثر، فلما حذفت " أن " ارتفع الفعل، كقوله :[الطويل] ٤٩٥٢ - ألاَ أيُّهَذَا الزَّاجِري أحْضُرُ الوغَى
.......................
جزء : ١٩ رقم الصفحة : ٤٩٠
في إحدى الروايتين.
قاله الزمخشريُّ.
ولم يبين ما محل " أن " وما في خبرها.
وفيه وجهان : أظهرهما - وهو الذي يريده - هو أنها إما في محل نصب، أو جر على الخلاف فيها ؛ حذف حرف الجر وهو هنا لام العلة، تقديره : ولا تمنن لأن تستكثر.
والثاني : أنها في محل نصب فقط مفعولاً بها، أي : لا تضعف أن تستكثر من الخبر، قاله مكي.
وقد تقدم أن " تَمْنُنْ " بمعنى تضعف، وهو قول مجاهد.
إلا إنَّ أبا حيان قال - بعد كلام الزمخشريِّ - :" وهذا لا يجوز أن يحمل القرآن عليه لأنه لا يجوز ذلك إلا في الشعر، ولنا مندوحة عنه مع صحتة معنى ".
٤٩٩
والكوفيون يجيزون ذلك، وأيضاً : فقد قرأ الحسن والأعمش :" تَسْتكثِرَ " أيضاً على إضمار " أن "، كقولهم :" مُرْهُ يحفرها ".
وأبلغ من ذلك التصريح بأن في قراء عبد الله :﴿ولا تمنن أن تستكثر﴾.
وقرأ الحسن - أيضاً - وابن أبي عبلة تستكثرْ جزماً، وفيه ثلاثة أوجه : أحدها : أن يكون بدلاً من الفعل قبله.
كقوله :﴿يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ﴾ [الفرقان : ٦٨ - ٦٩] فـ " يُضَاعَفُ " بدلاً من " يَلْقَ " ؛ وكقوله :[الطويل] ٤٩٥٣ - مَتَى تَأتِنَا تُلْمِمْ بنَا في دِيَارنَا
تَجِدْ حَطَباً جَزْلاً ونَاراً تَأجَّجَا
ويكون من المنِّ الذي في قوله تعالى :﴿لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأَذَى ﴾ [البقرة : ٢٦٤].
الثاني : أن يشبه " ثرو " بعضد فيسكن تخفيفاً.
قاله الزمخشري.
يعني : أنه يأخذ من مجموع " تستكثر " [ومن الكلمة التي بعده وهو الواو ما يكون يه شبهاً بعضد، ألا ترى أنه قال : أن يشبه ثرو، فأخذ بعض " تستكثر " ] وهو الثاء، والراء وحرف العطف من قوله :﴿وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ﴾ ؛ وهذا كما قالوا في قول امرىء القيس :[السريع] ٤٩٥٤ - فالْيَوْمَ أشْرَبْ غَيْرَ مُسْتحقِبٍ
إثْماً من اللَّهِ ولا واغِلِ
بتسكين " أشْرَبْ " - أنه مأخذوا من الكلمتين رَبْغَ كـ " عضد " ثم سكن.
وقد تقدم في سورة " يوسف " في قراءة قُنبل :" من يَتّقي "، بثبوت الياء، أن " مَنْ " موصولة، فاعترض بجزم " يَصْبِر " ؟.
فأجيب بأنه شبه بـ " رف "، أخذوا الباء والراء من " يَصْبِر " والفاء من " فإنَّه "، وهذ نظيرتيك سواء.
الوجه الثالث : أن يعتبر حال الوقف، ويجرى الوصل مجراه، قاله الزمخشري، أيضاً.
يعني أنه مرفوع، وإنما سكن تخفيفاً، أو أجري الوصل مُجْرَى الوقفِ.
قال أبو حيان :" وهذان لا يجوز أن يحمل عليهما مع وجود أرجح منهما، وهو البدل معنى وصناعة ".
٥٠٠