ويروى :" المُدْبِر "، وهذا قول الفرَّاء والأخفش والزجاج.
وأما :" أدبر الراكب " وأقبل فرباعي لا غير.
وقال يونس :" دبر " انقضى، و " أدبر " تولى، ففرق بينهما.
وقال الزمخشري :" ودبر : بمعنى أدبر " كـ " قبل بمعنى أقبل ".
وقيل منه : صاروا كأمسِ الدابر.
وقيل : هو من دبر الليل بالنهار، إذا خلفه.
وذكر القرطبي عن بعض أهل اللغة :" دبر الليل : إذا مضى، وأدبر : أخذ في الإدبار ".
وقرأ محمد بن السميفع :" والليل إذا أدبر " بألفين، وكذلك هي في مصحف عبد الله وأبيّ.
وقال قطرب : من قرأ " دبر " فيعني أقبل، من قول العرب : دبر فلان، إذا جاء من خلفي.
قال أبو عمرو : وهي لغة قريش.
قوله تعالى :﴿وَالصُّبْحِ إِذَآ أَسْفَرَ﴾.
أي أضاء، وفي الحديث :" أسِفرُوا بالفَجْرِ " ومنه قوله تعالى :﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ﴾ [عبس : ٣٨].
وقرأ العامة :" أسْفَرَ " بالألف وعيسى بن الفضل وابن المسيفع :" سَفَر " ثلاثياً.
والمعنى : طرح الظُّلمة عن وجهه على وجه الاستعارة، وهما لغتان.
ويقال : سَفَرَ وجه فلان إذا أضاء، وأسفر وجهه حسناً : أي أشرق، وسفرت المرأة، أي كشفت عن وجهها، فهي سافرة.
قال القرطبي : ويجوز أن يكون سَفَرَ الظلام، أي كنسه، كما يسفر البيت أي : يُكنس، ومنه السفير، لما يسقط من ورق الشجر ويتحاتّ، يقال : إنما سمي سفيراً لأن الريح تُسْفره، أي : تكنس، والمُسفرة : المكنسة ".
قوله :﴿إِنَهَا﴾.
أي : إن النار.
وقيل : إن قيام الساعة كذا حكاه أبو حيان.
وفيه شيئان : عوده على غير مذكور، وكونُ المضاف اكتسب تأنيثاً.
٥٢٧
وقيل : إنه النذارة، وقيل : هي ضمير القصّة، وهذا جواب القسم وتعليل لـ " كَلاَّ " والقسم معترض للتوكيد.
قاله الزمخشري.
قال شهاب الدين :" وحينئذ يحتاج إلى تقدير جوازه، وفيه تكلف وخروج عن الظاهر ".
قوله :﴿لإِحْدَى الْكُبَرِ﴾.
قرأ العامَّةُ :" لإحْدَى الكُبَر " بهمزة، وأصلها واو من الوحدة.
وقرأ نصر بن عاصم، وابن محيصن، ويروى عن ابن كثير :" لَحدى " بحذف الهمزة.
وهذا من الشُّذوذ بحيث لا يقاس عليه.
وتوجيهه : أن يكون أبدالها ألفاً ثُمَّ حذف الألف لالتقاء الساكنين، وقياس تخفيف مثل هذه الهمزة أن تجعل بَيْنَ بَيْنَ.
قال الواحدي : ألف إحدى مقطوع لا تذهب في الوصل و " الكُبَر " : جمع " كُبْرَى " كـ " الفُضَل " جمع " فُضْلَى ".
قال الزمخشري :" الكُبَر : جمع الكُبْرى ".
جعلت ألف التأنيث كتاء التأنيث، فكما جمعت " فُعْلة " على " فُعَل " جمعت " فُعْلى " عليها، ونظير ذلك :" السَّوافِي " في جمع " السَّافِيَاء " وهو التراب التي تسفّه الريح، و " القَواصع " في جمع " القَصِعَاء " كأنها جمع " فاعلية " قاله ابن الخطيب فصل في معنى الآية معنى " إحْدَى الكُبَرِ " أي إحدى الدواهي، قال :[الرجز] ٤٩٧١ - يَا ابْنَ المُعلَّى نزَلتْ إحْدَى الكْبَرْ
دَاهِيَةُ الدَّهْرِ وصَمَّاءُ الغِيَرْ
جزء : ١٩ رقم الصفحة : ٥٢٦
ومثله : هو أحد الرجال، وهي إحدى النساء، لمن يستعظمونه.
والمراد من " الكبر " دركات جهنم، وهي سبعة : جَهَنَّم، ولَظَى، والحطمة، والسَّعير، والجَحِيم، والهَاوية، وسَقَر.
أعاذنا الله منها.
وفي تفسير مقاتل :" الكُبَر " اسم من أسماء النار.
٥٢٨