الإسلام، وأئمة العلماء الأعلام، ووقف هؤلاء بالألف ظاهر ".
وأما لمن لم ينونه فظاهر، لأنه على صيغة منتهى الجموع.
وقولهم : قد جمع نحو " صواحبات، وأيامنين " لا يقدح ؛ لأن المحذور جمع التكسير، وهذا جمع تصحيح، وعدم وقوفهم بالألف واضح أيضاً.
وأما من لم ينون ووقف بالألف فاتباعاً للرسم الكريم كما تقدم.
وأيضاً : فإن الروم في المفتوح لا يجوزه القراء، والقارئ قد يبين الحركة في وقفه فأتوا بالألف ليبين منها الفتحة.
وروي عن بعضهم أنه يقول :" رَأيْتُ عُمَراً " بالألف، يعني عرم بن الخطاب - رضي الله عنه - والسلاسل : جمع سلسلة وهي القيودفي جهنم، وقد تقدم الكلام عنها في سورة " الحاقة ".
فصل اعلم أنه بيّن - هاهنا - حال الفريقين، وأنه تعبد العقلاء، وكلّعفهم ومكّنهم ما أمرهم فمن كفر فله العقاب، ومن وحد وشكر فله الثَّواب، والاعتداد هو اعتداد الشَّيء حتى يكون عتيداً حاضراً متى احتيج إليه، كقوله تعالى :﴿هَـذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾ [ق : ٢٣]، والأغلال : جمع غل، تغلّ بها أيديهم إلى أعناقهم.
وقد تقدم الكرم في السعير أيضاً.
قوله تعالى :﴿إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ﴾ الاية.
لما ذكر ما اعد للكافرين ذكر ما أعد للشاكرين، والأبرار أهل الصدق، واحدهم : برّ، وهو من امتثل أمر الله تعالى.
وقيل : البر : الموحد، والأبرار : جمع " بار " مثل :" شاهد وأشهاد ".
وقيل : هو جمع " بر " مثل :" نهر وأنهار ".
وفي " الصحاح " : وجمع البر : الأبرار، وجمع البار : البررة، وفلان يبرُّ خالقه ويتبرره أي يطيعه، والأم برة بولدها.
" وروى ابن عمر - رضي الله عنه - عن النبي ﷺ قال :" إنَّما سمَّاهُم اللهُ - تَعالَى - الأبْرَارَ ؛ لأنَّهُمْ بَرُّوا الآبَاءَ والأبناءَ، كما أنَّ لِوالدِكَ عَلَيْكَ حقًّا، كذَلكَ لَوَلدكَ عَليْكَ حقًّاً ".
وقال الحسن : البر الذي لا يؤذي الذَّرَّ.
١٥
وقال قتادة : الأبرار الذي يؤدّون حق الله، ويروفون بالنذر، وفي الحديث :" الأبْرَارُ الَّذينَ لا يُؤذُوَن أحَداً ".
﴿يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ﴾.
أي : من إناء فيه الشراب.
قال ابن عباس : يريد الخمر.
والكأس في اللغة : الإناء فيه الشراب، وإذا لم يسمَّ كأساً.
قوله تعالى :﴿كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً﴾ المزاج : ما يمزج به أي : يخلط، يقال : مزجه يكمزجه مزجاً أي : خلطه يخلطه خلطاً.
قال حسان :[الوافر] ٥٠٣٠ - كَأنَّ سَبيَئةً من بَيْتِ رَأسٍ
يَكونُ مَزَاجهَا عَسلٌ ومَاءُ
جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ١٣
فالمزاج كالقِوام اسم لما يقاوم به الشيء، ومنه مزاج البدن : وهو ما يمازجه من الصفراء والسوداء والحرارة والبرودة.
و " الكافور " : طيب معروف، وكأنه اشتقاقه من الكفر، وهو الستر لأنه يغطي الأشياء برائحته، والكافور أيضاً : كمائم الشجر الذي يغطّي ثمرتها.
قال بعضهم : الكافُور :" فاعول " من الكفر كالنّاقور من النَّقر، والغامُوس من الغمس، تقول : غامسته في الماء أي : غمسته، والكفر : القرية والجبل العظيم ؛ قال :[الطويل] ٥٠٣١ -...............................
تُطَلَّعُ ريَّاهُ من الكفَرَاتِ
والكافور : البحر، والكَافِر : الليل، والكَافِر : الساتر لنعم الله تعالى، والكَافِر : الزارع لتوريته الحب في الأرض ؛ قال اشلاعر :[السريع] ٥٠٣٢ - وكَافرٍ مَاتَ على كُُفْرِهِ
وجَنَّةُ الفِرْدَوسِ للكَافِرِ
والكفَّارة : تغطية الإثم في اليمين الفاجرة والنذور الكاذبة بالمغفرة، والكافور : ماء جوف شجر مكنون، فيغرزونه بالحديد، فيخرج إلى ظاهر الشجر، فيضربه الهواء فيجمد وينعقد كالصمغ الجامد على الأشجار.
١٦


الصفحة التالية
Icon