وأيوب وخالد بن إلياس وسلام :" أقِتَتْ " بالهمز واتخفيف ؛ لأنها مكتوبة في المصحف بالألف ".
قوله تعالى :﴿لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ﴾.
الجار متعلق بـ " أجلت " وهذه الجملة معمولةٌ لقول مضمر، أي : يقال وهذا القاول المضمرُ يجوز أن يكون جواباً لـ " إذا " - كما تقدَّم - وأن يكون حالاً من مرفوع " أقتت " ؟ أي : مقولاً فيها لأيِّ يوم أجّلت أي : أخّرت، وهذا تعظيم لذلك اليوم، فهو استفهام على التعظيم، أي ليوم الفصل أجلت، كأنه تعالى قال : يعجب العباد من تعظيم ذلك اليوم، فيقال : لأي يوم أجلت الأمور المتعلقة بهذه الرسل، وهي تعذب من كذبهم وتعظيم من آمن بهم وظهور ما كانوا يدعون الخلق إلى الإيمان به من الأهوال والعرض والحساب، ونشر الدواوين ووضع الموازين.
قوله :﴿لِيَوْمِ الْفَصْلِ﴾ بدل من " لأيِّ يومٍ " بإعادة العامل.
وقيل : بل يتعلق بفعل مقدر أي أجلت ليوم الفصل، وقيل : اللام بمعنى " إلى " ذكرها مكي.
فصل في المراد بيوم الفصل اعلم أنه تعالى بين ذلك اليوم فقال :﴿لِيَوْمِ الْفَصْلِ﴾، قال ابن عباس : يوم فصل الرحمن بين الخلائق، لقوله تعالى :﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الدخان : ٤٠].
قوله :﴿وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ﴾.
أتبع التعظيم تعظيماً، أي : وماعلمك بيوم الفصل وشدته ومهابته، ثم أتبعه بتهويل ثالث، وهو قوله :" ويْلٌ " مبتدأ، سوغ بالابتداء به كونه دعاء.
قال الزمخشري :" فإن قلت : كيف وقعت النكرة مبتدأ في قوله تعالى ﴿وَيْلٌ﴾ ؟ قلت : هو في أصله مصدر منصوب سادّ مسدَّ فعله، ولكنه عدل به إلى الرفع للدلالة على إثبات معنى الهلاك، ودوامه للمدعو عليهم، ونحوه ﴿سَلاَمٌ عَلَيْكُم﴾ [الرعد : ٢٤]، ويجوز " قِيلاً " بالنصب، ولكنه لم يقرأ به ".
قال شهاب الدين :" هذا الذي ذكره ليس من المسوّغات التي عهدها النحويون وإنما المسوغ كونه دعاء وفائدة العدول إلى الرفع ما ذكره ".
و " يَوْمئذٍ " ظرف للويل.
وجوز أبو البقاء : أن يكون صفة للويلِ، وللمكذبين خبره.
٧٠
فصل في تفسير الآية قال القرطبي :﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ﴾ أي : عذاب وخِزْي لمن كذب بالله تعالى وبرسله، وعلى تقدير تكذيبهم ؛ فإنَّ لكل مكذب بشيء سوى تكذيبه بشيء آخر، وربّ شيء كذب به وهو أعظم جرماً من تكذيبه بغيره ؛ لأنه أقبح في تكذيبه، وأعظم في الرد على الله تعالى، فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك، وهو قوله :﴿جَزَآءً وِفَاقاً﴾ [النبأ : ٢٦].
وقيل : كرره لمعنى تكرار التخويف والوعيد.
وروي عن النعمان بن بشير قال :" ويْلٌ " واد في جهنم فيه ألوان العذاب، قاله ابن عباس وغيره.
" وروي عن النبي ﷺ أنه قال :" عُرِضتْ عليَّ جَهنَّمُ فَلمْ أرَ فيهَا وَادِياً أعْظمَ منَ الوَيْلِ ".
وروي أيضاً أنه مجمع ما يسيل من قيحِ أهل النار وصديدهم، وإنما يسيل الشيء فيما سفل من الأرض، وقد علم العباد في الدنيا أن شرّ المواضع في الدنيا ما استنقع فيها مياه الأدناس والأقذار والغسلات من الجيف وماء الحمَّامات، فذكر أن ذلك الوادي مستنقع صديد اهل النَّار والشرك ليعلم العاقل أنه لا شيء أقذرُ منه قذارةً، ولا أنتنُ منه نتناً.
قوله تعالى :﴿أَلَمْ نُهْلِكِ الأَوَّلِينَ﴾.
العامة : على ضم حرف المضارعة، من " أهْلَكَ " رباعيًّا، وقتادة : بفتحه.
قال الزمخشري : من هلكه بمعنى " أهلكه " ؛ قال العجاج :[الرجز]
٥٠٥٦ - ومَهْمَهٍ هَالكُ مَنْ تَعرَّجَا
جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ٦٧
فـ " من " معمول الهالك، وهو من " هلك "، إلاَّ أن بعض النَّاس جعل هذا دليلاً على إعمال الصِّفة المشبهة في الموصول، وجعلها من اللازم ؛ لأن شرط الصفة المشبهة أن تكون من فعل لازم، فعلى هذا دليل فيه.
قوله :﴿ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخِرِينَ﴾.
العامة : على رفع العين استئنافاً أي : ثم نحن نتبعهم، كذا قدره أبو البقاء.
٧١


الصفحة التالية
Icon