وقرأ الأعمش :" ثَجَّاحاً " - بالحاء المهملة - أخيراً.
قال الزمخشري :" ومثاجح الماء : مصابُّه، والماء يثجح في الوادي ".
وقال ابن عبَّاس ميَّجا، يعني يثج الكلام ثجَّا في خُطبته.
قوله تعالى :﴿لِّنُخْرِجَ بِهِ﴾ لأي : بذلك الماء " حَبَّا " كالحِنْطَةِ والشعير وغير ذلك.
" ونَبَاتاً " من الإنبات، وهو ما تأكله الدواب من الحشيش.
" وجَنَّاتٍ " أي : بساتين " ألْفَافاً " أي : مُلتفَّا بعضها ببعض كتشعيب أعضائها.
وفي الألفاف وجوه : أحدها : أنه لا واحد له.
قال الزمخشري :" ألْفافاً " : مُلتفَّة، ولا واحد له كـ " الأوزاع " والأخْيَاف.
والثاني : أنَّه جمعُ " لِفٍّ " - بكسر اللام - فيكون نحو :" سِرّ وأسرار " ؛ وأنشد أبو عليٍّ الطوسِيُّ :[الرمل] ٥٠٧٣ - جَنَّةٌ لِفٌ وعَيْشٌ مُغْدِقٌ
ونَدامَى كُلُّهمْ بِيضٌ زُهُرْ
وهذا قول أكثر أهل اللغة، ذكره الكسائي.
الثالث : أنه جمع " لَفِيفٍ ".
قاله الكسائي، وأبو عبيدة كـ " شريف " و " أشراف "، و " شهيد " و " أشهاد " ؛ قال الشاعر :[الطويل] ٥٠٧٤ - أحَابيشُ ألْفَافٍ تَبايَنَ فَرْعُهُمْ
وحَزْمُهُمْ عَنْ نِسْبَةِ المُتعَرفِ
الرابع : أنَّه جمعُ الجميع، وذلك أنَّ الأصل :" لُفّ " في المذكر، و " لَفَّاء " في المؤنث كـ " أحْمَر وحَمْرَاء "، ثُمَّ " ألفَاف " إذ صار " لف " زنة " فعل " جمع جمعه قاله ابن قتيبة.
إلا أنَّ الزمخشري قال : وما أظنه واجداً له نظيراً من نحو :" خضر وأخضار، وحمر وأحمار ".
٩٩
قال شهاب الدين : كأنه يستبعد هذا القول من حيث إنَّ نظائرهُ لا تجمع على " أفْعَال " إذ لا يقال :" خضر ولا حرم "، وإن كانا جمعين لـ " أحمر وحمراء، وأخضر وخضراء "، وهذا غير لازم ؛ لأن جمع الجمع لا ينقاس، ويكفي أن يكون له نظير في المفردات، كما رأيت من أن " لفَّاء " صار يضارع " فَعْلاء "، ولهذا امتنعوا من تكسير " مفضاعِل ومفَاعِيْل " لعدم نظيره في المفردات يحملان عليه.
الخامس : قال الزمخشريُّ :" ولو قيل : هو جمع :" ملتفّة " بتقدير حذف الزوائد لكان قولاً وجيهاً ".
وهذا تكلُّف لا حاجة إليه.
وأيضاً : فغالب عبارات النحاة في حذف الزوائد إنما هو في التصغير، يقولون : تصغير الترخيم بحذف الزوائد، وفي المصادر يقولون : هذا المصدر على حذف الزوائد.
قال القرطبي : ويقال : شجرة لفَّاء، وشجر لفٌّ، وامرأة لفَّاء، أي : غليظةُ السَّاقِ مجتمعة اللحم.
وقيل : التقدير : ونُخْرِجُ به جنَّاتٍ ألفافاً، ثم حذف لدلالة الكلام عليه.
جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ٩٤
قوله تعالى :﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً﴾.
أي : وقتاً ومجمعاً وميعاداً للأولين والآخرين ؛ لما وعد اللهُ الجزاء والثواب، وسمِّي يوم الفصل ؛ لأنَّ الله - تعالى - يفصل فيه بين خلقِه.
قوله :﴿يَوْمَ يُنفَخُ﴾.
يجوز أن يكون بدلاً من " يَوْمِ الفَصْلِ "، أو عطف بيان له، أو منصوباً بإضمار " أعني ".
و " أفواجاً " حال من فاعل " تَأتُونَ ".
وقرأ أبو عياض :" في الصُّوَرِ " بفتح الواو وتقدم مثله.
فصل في النفخة الآخرة هذا النفخ هو النفخة الأخيرة التي عندها يكون في الحشر، وهذا هو النفخ للأرواح.
وقيل : هو قَرْنٌ يُنْفَخُ فيه للبعث.
١٠٠


الصفحة التالية
Icon