جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ١٤١
قوله تعالى :﴿فَإِذَا جَآءَتِ الطَّآمَّةُ الْكُبْرَى ﴾ في جواب " إذا " أوجه : أحدها : قوله :﴿فَأَمَّا مَن طَغَى ﴾، نحو :" إذا جاءك بنو تميمٍ، فأما العاصي فأهنه، وأمَّا الطائع فأكرمه ".
وقيل : محذوف.
فقدِّرهُ الزمخشريُّ : فإن الأمر كذلك، أي : فإنَّ الجحيمَ مأواهُ.
وقدَّره غيرهُ : انقسم الرَّاءون قسمين.
وقيل : عاينُوا او علموا.
وقيل : جوابها أدخل أهل النار النار، وأهل الجنة الجنة.
وقال أبو البقاء : العامل فيها جوابها، وهو معنى قوله تعالى :﴿يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ﴾.
والطَّامةُ الكبرى : الدَّاهيَة العُظمَى التي تطمّ على غيرها من الدَّواهي لعظمها، و " الطَّمُّ " :" الدفن "، ومنه : طمَّ السَّيلُ الرَّكية، وفي المثل : جَرَى الوادِي فطمَّ على القُرَى.
وقيل : مأخوذٌ من قولهم : طمَّ الفرس طميماً، إذا استفرغ جهده في الجري، والمراد بها في القرآن : النَّفخة الثانية ؛ لأن بها يحصل ذلك.
قال ابن عباس : هي النَّخةُ الثانية التي يكون معها البعث.
وعن ابن عباس - رضي الله عنه - أيضاً، والضحاك : أنَّها القيامة، سميت بذلك ؛ لأنَّها تطمُّ على كل شيء فتغمره.
وقال القاسمُ بنُ الوليد الهمداني : الطامةُ الكبرى حين يساق أهل الجنَّة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار.
١٤٧
قوله :﴿يَوْمَ يَتَذَكَّرُ﴾ بدل من " إذا "، أو : منصوباًَ بإضمار فعلٍ، أي : أعني : يوم أو يوم يتذكر كيت وكيت.
قوله :﴿مَا سَعَى ﴾ أي : ما عمل من خير أو شر يراه مكتوباً في كتابه فيتذكرهُ، وكان قد نسيه، لقوله تعالى :﴿أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ﴾ [المجادلة : ٦].
قوله تعالى :﴿وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ﴾ العامة على بنائه للمفعول مشدداً، و ﴿لِمَن يَرَى ﴾ بياء الغيبة.
وزيدُ بن علي وعائشة وعكرمة : مبنيًّا للفاعل مخففاً، و " ترى " بتاء من فوق، فجوزوا في تاء " ترى " أن تكون للتأنيث، وفي " ترى " ضمير الجحيم، كقوله تعالى :﴿إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ﴾ [الفرقان : ١٢]، وأن تكون للخطاب، أي : ترى أنت يا محمد، والمراد : ترى الناس.
وقرأ عبد الله :" لمن رأى " فعلاً ماضياً.
قال ابن عباس - رضي الله عنهما - :" بُرِّزَتْ " كشفت عنها تتلظّى، فيراه كل ذي بصرٍ، فالمؤمنون يمرُّون عليها، ﴿وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا﴾ [مريم : ٧١]، وأمَّا الكفار فهي مأواهُم.
وقيل : الرؤية هنا : استعارة، كقولهم : قد تبين الصبح لذي عينين.
وقيل : المراد : الكافر ؛ لأنه الذي يرى النار بما فيها من أصناف العذاب.
وقيل : يراها المؤمن ليعرف قدر النِّعمةِ.
قوله :﴿فَأَمَّا مَن طَغَى ﴾ أي : تجاوز الحدِّ في العصيان.
قيل : نزلت في النَّضْرِ وأبيه الحارث، وهي عامة في كل كافرٍ آثر الحياة الدنيا على الآخرة.
قوله :﴿فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ إمَّا هي المأوى له، أو هي مأواه، وقامت " أل " مقام الضمير، وهو رأي الكوفيين وقد تقدم تحقيق هذا والرد على قائله، خلافاً للبصريين ؛ قال الشاعر :[الطويل] ٥١٠٦ - رَحيبٌ قِطَاب الجَيْبِ مِنْهَا رَقِيقَةٌ
بِجَسِّ النَّدامَى بَضَّةُ المُتَجَرَّدِ
جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ١٤٧


الصفحة التالية
Icon