وحكى القشيريُّ عن ابن عمر وابن لزُّبيرِ : أن الشاهد يوم الأضحى.
وقال سعيد بن المسيب الشاهد يوم التروية، والمشهود : يوم عرفة.
[وروي عن علي - رضي الله عنه - الشاهد يوم عرفة، والمشهود يوم النحر] وعن ابن عباس والحسين بن علي - رضي الله عنهم - : المشهود : يوم القيامة، لقوله تعالى :﴿ذالِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذالِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ﴾ [هود : ١٠٣] وعلى هذا فقيل : الشاهد هو الله تعالى، وهو مروي عن ابن عباسٍ، والحسن، وسعيد بن جبير لقوله تعالى :﴿وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً﴾ [النساء : ٧٩] وقوله تعالى :﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللَّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ [الأنعام : ١٩].
وعن ابن عباس - رضي الله عنه - : الشاهد : محمد ﷺ لقوله تعالى :﴿إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً﴾ [الأحزاب : ٤٥]، وقوله تعالى :﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هؤلاء شَهِيداً﴾ [النساء : ٤١] وقوله تعالى :﴿وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾ [البقرة : ١٤٣].
وقيل : الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - يشهدون على أممهم ؛ لقوله تعالى :﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ﴾ [النساء : ٤١].
وقيل : آدم عليه الصلاة والسلام.
وقيل : عيسى ابن مريم - عليه الصلاة والسلام - لقوله تعالى :﴿وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ﴾ [المائدة : ١١٧] والمشهود أمته.
وعن ابن عباس ومحمد بن كعب : الشاهد : الإنسان، لقوله تعالى :﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ [النور : ٢٤].
وقال الحسين بن الفضل : الشاهد هذه الأمة، لقوله تعالى :﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [البقرة : ١٤٣]، والمشهود بنو آدم.
٢٤٦
قوله تعالى :﴿قُتِلَ﴾.
هذا جواب القسم على غالمختار، وإنما حذفت اللام، والأصل :" لقتل ؛ كقوله :[الطويل] ٥١٥٣ - حَلفْتُ لَهَا باللهِ حَلفَة فَاجرٍ
لنَامُوا فمَا إنْ مِنْ حَديثٍ ولا صَالِي
جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ٢٤٤
وإنما حسُن حذفها للطول كما سيأتي - إن شاء الله تعالى - في قوله :﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا﴾ [الشمس : ٩].
وقيل : تقديره، لقد قتل، فحذف " اللام وقد "، وعلى هذا فقوله " قُتِلَ " خبر، لا دعاء.
وقيل : هي دعاءٌ، فلا يكون جواباً.
وفي الجواب حينئذ أوجه : أحدها : أنهق وله تعالى :﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُواْ﴾ [البروج : ١٠].
الثاني : قوله :﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾ [البروج : ١٢] قاله المبرد.
الثالث : أنه مقدر، فقال الزمخشري ولم يذكر غيره : هو محذوف يدل عليه قوله :﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ﴾ كأنَّه قيل : أقسم بهذه الأشياء أن كفار قريش ملعونون، كما لعن أصحاب الأخدود ثم قال :" قُتِل " دعاءٌ عليهم كقوله تعالى :﴿قُتِلَ الإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ﴾ [عبس : ١٧].
وقيل : التقدير : لتبعثن.
وقيل : فيه تقديم وتأخير، قتل أصحاب الأخدود والسَّماء ذات البروج، قاله أبو حاتم.
قال ابن الأنباري : وهذا غلط ؛ لأنه لا يجوز لقائل أن يقول : والله قام زيد، على معنى : قام زيد والله.
وقرأ الحسن وابن مقسم :" قُتِّلَ " بتشديد الناء مبالغة أو تكثيراً.
قوله :﴿أَصْحَابُ الأُخْدُودِ﴾، أي : لعن أصحاب الأخدود.
قال ابن عباس : كل شيء في القرآن " قُتِلَ " فهو : لُعِنَ، والأخدود الشقُّ العظيم المستطيل الغائص في الأرض.
قال الزمخشريُّ : والأخدود : الخدُّ في الأرض وهو : الشق، ونحوهما بناء ومعنى : الخق والأخقوق، ومنه :" فَسَاخَتْ قوائمه في أخاقيق جرذان " انتهى.
فالخّدُّ : في الأصل مصدر، وقد يقع على المفعول، وهو الشق نفسه، وأمَّا الأخدود فاسم له فقط.
٢٤٧


الصفحة التالية
Icon