وقال أبو عبيدة : النقع، رفع الصوت ؛ قال لبيدٌ :[الرمل] ٥٢٧٦ - فَمتَى يَنْقَعْ صُراخٌ صَادِقٌ
يُحْلبُوهَا ذَاتَ جَرْسٍ وزَجَلْ
يروى :" يجلبوها " أيضاً، يقول : متى سمعوا صراخاً أجلبوا الحرب، أي : جمعوا لها، وقوله :" ينقع صراخ " يعني رفع الصوت.
قال الزمخشري : ويجوز أن يراد بالنَّقع : الصياح، من قوله عليه الصلاة والسلام :" لَمْ يكُنْ نَقعٌ ولا لَقلَقةٌ ".
٤٦٠
وقول لبيد :[الرمل]
٥٢٧٧ - فَمتَى يَنْقَعْ صُراخٌ صادِقٌ
أي : فهيجن في المغار عليهم صياحاً وجلبة.
وقال أبو عبيد : وعلى هذا رأيت قول أكثر أهل العلم، انتهى.
فعلى هذا رأيت قول أكثر أهل العلم، انتهى.
فعلى هذا تكون الباء بمعنى " في " ويعود الضمير على المكان الذي فيه الإغارة، كما تقدم.
وقال الكسائيُّ : قوله :" نقْعٌ ولا لقْلقَةٌ " النّقع : صنعة الطعام، يعني في المأتم يقال منه : نقعت أنقع نقعاً.
قال أبو عبيد : ذهب بالنقع إلى النقيعة، وإنما النقيعة عند غيره من العلماء : صنعة الطعام عند القدوم من سفر، ولا في المأتم.
وقال بعضهم : يريد عمرو بالنقع وضع التراب على الرأس فذهب إلى أن النقع هو التراب.
قال القرطبي : ولا أحسب عمراً ذهب إلى هذا، ولا خافه منهن، وكيف يبلغ خوفه ذا، وهو يكره لهن القيام، فقال : وهو الذي لا أدري ما هو من الحديث ولا أعرفه، وليس النقع عندي في هذا الحديث إلا الصوت الشديد، وأما اللَّقلقة : فشدة الصوت، ولم أسمع فيه اختلافاً.
[قال محمد بن كعب القرظي : النقع بين " مزدلفة " إلى " منى ".
وقيل : إنه طريق الوادي، ولعله يرجع إلى الغبار المثار من هذا الموضع.
وفي " الصحاح " النقع الغبار، والجمع : النقاع والنقع محبس الماء، وكذلك ما اجتمع في البئر منه.
وفي الحديث : أنه نهى أن يمنع نقع البئر.
٤٦١
والنقع : الأرض الحرة الطين يستنقع فيها الماء، والجمع : نقاع وأنقع، مثل : بحار وبحر وأبحر].
قوله :﴿فَوَسَطْنَ﴾.
العامة على تخفيف السين.
وفي الهاء في " به " أوجه : أحدها : أنها للصبح.
والثاني : أنها للنَّقع، أي : وسطن النقع الجمع، أي : جعلن الغبار وسط الجمع.
والباء للتعدية، وعلى الأول هي ظرفية.
الثالث : الباء للحالية، أي فتوسطن ملتبساً بالنقع، أي : بالغبار، جمعاً من جموع الأعداء.
وقيل : الباء مزيدة نقله أبو البقاء.
و " جَمْعاً " على هذه الأوجه : مفعول به.
الرابع : أن المراد بـ " جمع " " المزدلفة " وهي تسمى جمعاً، والمراد : أن الإبل تتوسط جمعاً الذي هو " المزدلفة "، كما مرَّ عن أمير المؤمنين فالمراد بالجمع مكان، لا جماعة الناس، كقول صفية :[الوافر]
٥٢٧٨ - فَلا والعَاديَاتِ غَداةَ جَمْعٍ
وقول بشر بن أبي خازم :[الكامل] ٥٢٧٩ - فَوَسَطْنَ جَمعهُمُ وأفْلتَ حَاجبٌ
تَحْتَ العَجاجَةِ في الغُبَارِ الأقْتَمِ
جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ٤٥٤
و " جَمْعاً " على هذا منصوب على الظرف، وعلى هذا فيكون الضمير في " به " إما للوقت أي في وقت الصبح، وإما للنقع، وتكون الباء للحال، أي : ملتبسات بالنقع، إلا أنه يشكل نصب الظرف المختص إذ كان حقه أن يتعدى إليه بـ " في ".
وقال أبو البقاء : إن " جمعاً " حال، وسبقه إليه مكي.
وفيه بعد ؛ إذ المعنى على أن الخيل توسطت جمع الناس.
وقرأ علي، وزيد بن علي، وقتادة، وابن أبي ليلى : بتشديد السين، وهنما لغتان بمعنى واحد.
٤٦٢
وقال الزمخشري : التشديد للتعدية، والباء مزيدة للتأكيد، كقوله تعالى :﴿وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً﴾ [البقرة : ٢٥] وهي مبالغة في وسطن " انتهى.
وقوله :" وهي مبالغة " تناقض قوله أولاً للتعدية، لأن التشديد للمبالغة لا يكسب الفعل مفعولاً آخر، تقول :" ذبحت الغنم، مخففاً، ثم تبالغ فتقول :" ذبَّحتها " - مثقلاً - وهذا على رأيه قد جعله متعدياً بنفسه، بدليل جعله الباء مزيدة، فلا تكون للمبالغة.

فصل في معنى الآية المعنى : فوسطن بركبانهن العدو، أي : الجمع الذين أغاروا عليهم.


وقال ابن مسعود :" فوسَطْنَ بِهِ جَمْعاً " يعني " مزدلفة "، وسميت جمعاً لاجتماع الناس فيها.
ويقال : وسطت القوم أسطهم وسطاً وسطة، أي : صرت وسطهم، وقد أكثر الناس في وصف الخيل وهذا الذي ذكره الله أحسن.
وقال رسول الله ﷺ :" الخَيْلُ معْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ " وقال أيضاً :" ظهرها حرز وبطنها كنز ".
ويروى أن بنت امرئ القيس أتت النبي ﷺ فقالت : يا رسول الله، هل أنزل عليك ربُّك كلاماً في صفةِ الخَيْل كلاماً أفصح مما قاله جدِّي ؟ فقال - عليه الصلاة والسلام - :" وما قال جدّكِ ".
؟ قالت :[الطويل] ٥٢٨٠ - مِكَرٍّ مُقْبلٍ مُدبِرٍ معاً
كجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَل
فقال - عليه الصلاة والسلام - :﴿وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً﴾ الآيات فأسلمت.
جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ٤٥٤


الصفحة التالية
Icon