وقيل : لفي نقص، والمعنى متقارب.
وقرأ العامة :" لفي خُسرٍ " بسكون السين، وزيد بن علي، وابن هرمز، وعاصم في رواية أبي بكر، وزاد القرطبيُّ : الأعرج، وطلحة، وعيسى الثقفي : بضمها.
وهي كالعسر واليسر، وقد تقدم في البقرة، والوجه فيها الإتباع، ويقال : خسْر وخسُر مثل عسْر وعسُر.
وقرأ علي بن أبي طالب :" والعصر " : ونوائب الدهر، ﴿إِنَّ الإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ﴾ ؛ وإنه فيه إلى آخر الدهر.
قال إبراهيم : إن الإنسان إذا عُمِّرَ في الدنيا وهرم لفي نقص، وضعف، وتراجع إلا المؤمنين، فإنهم يكتب لهم أجورهم التي كانوا يعملونها في حال شبابهم، ونظيره قوله تعالى :﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِى أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ﴾ [التين : ٤، ٥].
قال : وقراءتنا :" والعصر إنّ الإنسان لفي خُسْر فإنه في آخر الدهر ".
والصحيح ما عليه الأمّة والمصاحف.
[وقيل : المعنى أن الإنسان لا ينفك عن تضييع عمره ؛ لأن كل ساعة تمر بالإنسان، فإن كان في المعصية، فالخسر ظاهر، وكذلك إن مرت في مباح، وإن مرت في طاعة فكان يمكن أن يأتي بها على وجه أكمل أي من الخشوع، والإخلاص، وترك الأعلى، والإتيان بالأدنى نوع خسران، والخسر والخسران مصدران، وتنكير الخسران إما للتعظيم، وإما للتحقير بالنسبة إلى خسر الشياطين، والأول أظهر، وأفرد الخسر مع كثرة أنواعه ؛ لأن الخسر الحقيقي هو حرمان عن خدمة ربه سبحانه، وما عدا ذلك فالكعدم، وفيه مبالغات، ودخول " إن، و اللام "، وإحاطة الخسر به، أي : هو في طريق خسر وسبب خسر].
قوله :﴿إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُواْ﴾.
استثناء من الإنسان ؛ إذ المراد به الجنس على الصحيح ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ﴾، أي : أدوا الفرائض المفترضة عليهم، وهم أصحاب الرسول ﷺ " قال أبي بن كعب : قرأت على رسول الله ﷺ " والعَصْرِ " ثم قلتُ : ما تفسيرها يا نبي الله ؟.
قال :" والعَصْرِ : أقسم ربكم بآخر النهار، ﴿إِنَّ الإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ﴾ ؛ أبو جهل ﴿إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُواْ﴾ أبو بكر، ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ﴾ عمر، ﴿وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقِّ﴾ : عثمان، ﴿وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ﴾ : عليّ " رضي الله عنهم أجمعين.
٤٨٦
وهكذا خطب ابن عباس على المنبر، موقوفاً عليه.
ومعنى تواصوا أي تحاثوا أوصى بعضهم بعضاً وحث بعضهم بعضاً بالحق أي بالتوحيد وكذا روى الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما وقال قتادة بالحق أي بالقرآن وقال السدي الحق هنا الله تعالى وتواصوا بالصبر على طاعة الله والصبر عن المعاصي.
روى الثعلبي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله ﷺ :" مَنْ قَرَأ سُورةَ ﴿وَالْعَصْرِ﴾ خَتمَ اللهُ لَهُ بالصَّبْرِ، وكَانَ مَعَ أصْحابِ رسول اللهِ يَوْمَ القِيَامَةٍ " والله أعلم.
٤٨٧
جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ٤٨٣


الصفحة التالية
Icon