والسَّلام " أَيَعْجَزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ كأَبِي ضَمْضَم، كان إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ قال : اللَّهُمَّ إِنِّي تَصَدَّقْتُ بِعِرْضِي عَلَى عِبَادِكَ ".
وقال ابن عمر :" أَقْرِضْ من عِرْضِكَ ليوم فَقْرِكَ " يعني مَنْ سبَّك فلا تأخذ منه حقّاً، ولا تقم عليه حَدّاً، حتى تأتي يوم القيامة موفر الأجر.
وقال أبو حنيفة : لا يجوز التَّصَدُّق بالعرض ؛ لأَنَّه حقُّ اللهِ تعالى وهو مروي عن مالكٍ.
قال ابن العربيّ : وهذا فاسِدٌ لقوله عليه الصَّلاة والسّلام :" إِنَّ دِمَاءَكم وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ " هذا يقتضي أَنْ تكون هذه المحرمات الثَّلاث تجري مجرًى واحداً، في كونها باحترامها حقاً للآدمي فصل وكون القرض حسناً يحتملُ وجوهاً : أحدها : أنه أراد به أن يكون حلالاً خالصاً من الحرام.
الثاني : ألاَّ يتبع ذلك منّاً ولا أذى.
الثالث : أن يفعله بنية التَّقرُّب إلى اللهِ تعالى.
والمراد من التَّضعيف، والإضعاف، والمضاعفة واحد، وهو : الزِّيَادَةُ على أصل الشَّيء حتَّى يصير مثليه، أو أكثر، وفي الآية حذفٌ والتقدير : فيضاعف ثوابه.
فصل والمراد بالأضعاف الكثيرة : قال السُّدِّيُّ : هذا التَّضعيفُ لا يعلمه إلاَّ الله - عزَّ وجلَّ - وإِنَّما أبهم ذلك ؛ لأَنَّ ذكر المبهم في باب التَّرغيب، أقوى من المحدود وقال غيره : هو المذكورُ في قوله تعالى :﴿مَّثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ﴾ [البقرة : ٢٦١]، فيحمل المجمل على المُفسَّرِ ؛ لأَنَّ كلتا الآيتين وردتا في الإنفاق.
قوله تعالى :﴿وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ﴾ قرأ أبو عمر، وحمزة، وحفص، وقنبلٌ
٢٦٠
" وَيَبْسُطُ " ها هنا وفي الأعراف بالسِّين على الأصل، والباقُون بالصَّادِ لأجل الطاء.
وقد تقدَّم تحقيقه في ﴿الصّرَاطَ﴾ [الفاتحة : ٦].
فصل قوله :" يقبض " بإمساك الرّزق والنفس، والتقتير، و " يَبْسُطُ " بالتَّوسيع، وقيل : يقبضُ بقبول التوبة الصَّادقة، ويبسط بالخلف، والثَّواب.
وقيل : هو الإِحياءُ والإماتة، فمن أَمَاتهُ فقد قبضه ومن مَدَّ له في عمره فقد بسط له.
وقيل : يقبضُ بعض القلوب، حتَّى لا تقدم على هذه الطَّاعة.
والمعنى : أَنَّهُ كما أمرهم بالصَّدقةِ أخبر أَنَّهُ لا يمكنهم ذلك إلا بتوفيقه، وإعانته، وقيل : ذكر ذلك ليعلمَ الإِنسان أَنَّ القبض والبسط بيد اللهِ، فإذا علم ذلك ؛ انقطع نظره عن مال الدُّنيا، وبقي اعتمادُهُ على اللهِ، فحينئذٍ يَسْهُلُ عليه الإنفاق ثمَّ قال :﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ فيجزيكم بأعمالكم، حيث لا حاكم ولا مُدَبِّرَ سواه.
وقال قتادة : الهاء في " إليه " راجعة إلى التّراب كنايةً عن غير مذكور، أي من التُّراب خلقتم، وإليه تُرْجعون، وتعودون.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٥٤
الملأُ من القَوْمِ وجوههم، وأشرافهم، وهو اسم للجماعة من النَّاس لا واحد لهُ من لفظه كالرَّهْطِ والقومِ، والجيشِ، والمَلأُ : الأَشرافُ سُمُّوا بذلك ؛ لأنهم يملئون العيونَ هيبةً، أو المجالسَ إذا حضروا ؛ أو لأنهم مليئون بما يُحْتاج إليهم فيه، وقال الفرَّاءُ :" المَلأُ " الرجالُ في كلِّ القرآن، وكذلك القومُ والرَّهطُ والنَّفَرُ، ويُجْمع على أَمْلاء ؛ قال :[الطويل] ١١٥٨ - وَقَالَ لَهَا الأَمْلاَءُ مِنْ كُلِّ مَعْشَرٍ
وَخَيْرُ أَقَاوِيلِ الرِّجَالِ سَدِيدُهَا
قال القرطبي : والملأ أيضاً حسن الخلق، ومنه الحديث :" أَحْسنُوا الملأَ فكلُّكُمْ سيروى " أخرجه مسلم.
٢٦١
قوله تعالى :﴿مِن بَنِى ﴾ فيه وجهان : أحدهما : أَنَّهُ صلةٌ للملأ على مذهب الكُوفيين ؛ لأنهم يجعلون المُعَرَّفَ بأل موصولاً ؛ ويُنْشِدُون :[الطويل] ١١٥٩ - لَعَمْرِي لأَنْتَ الَيْتُ أُكْرِمُ أَهْلَهُ
وأَقْعُدُ في أَفْيَائِهِ بالأصائِلِ