وبنحو ذلك قال مجاهد والسدي وقتادة وابن جريج والحسن البصري وغير واحد من أئمة السلف. وأصل الهيمنة: الحفظ والارتقاب، يقال إذا رَقَب الرجل الشيء وحفظه وشهده: قد هيمن فلان عليه، فهو يهيمن هيمنة وهو عليه مهيمن، وفي أسماء الله تعالى: المهيمن، وهو الشهيد على كل شيء، والرقيب: الحفيظ بكل شيء.
وأما الحديث الذي أسنده البخاري: أنه، عليه السلام، أقام بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن، وبالمدينة عشرا، فهو مما انفرد به البخاري دون مسلم، وإنما رواه النسائي من حديث شيبان وهو ابن عبد الرحمن، عن يحيى وهو ابن أبي كثير، عن أبي سلمة عنها (٦).
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: حدثنا يزيد عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، ثم

(١) صحيح البخاري برقم (٤٩٧٨، ٤٩٧٩).
(٢) جاء في م: "فجرينا على منواله وسننه مقتدين به" وما أثبته من ط، جـ.
(٣) تفسير الطبري (١٠/ ٣٧٩) ط. المعارف.
(٤) تفسير الطبري (١٠/ ٣٧٧) ط. المعارف.
(٥) رواه الطبري في تفسيره (١٠/ ٣٧٨) ط. المعارف.
(٦) سنن النسائي الكبرى برقم (٧٩٧٧).
قرأ ﴿ وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنزلْنَاهُ تَنزيلا ﴾ [الإسراء: ١٠٦]. هذا إسناد صحيح (١). أما إقامته بالمدينة عشرا فهذا ما لا خلاف فيه، وأما إقامته بمكة بعد النبوة فالمشهور ثلاث عشرة سنة؛ لأنه، عليه الصلاة والسلام، أوحى إليه وهو ابن أربعين سنة، وتوفى وهو ابن ثلاث وستين سنة على الصحيح، ويحتمل أنه حذف ما زاد على العشرة اختصارا في الكلام؛ لأن العرب
٢٣@@@


الصفحة التالية
Icon